292

وكر عائدا إلى غزنة في ضمان النصر والإظهار، وقران اليسر واليسار. ولما مست عصاه جانب القرار بها، أمر بساحة داره ففرشت بتلك الجواهر، فمن درر كالنجوم الثواقب، قد سلمت عن «12» أيدي الثواقب، ومن يواقيت كالجمر قبل الخمود، أو «13» الخمر بعد الجمود، ومن زبرجد كأطراف الآس نضارة، أو «1» ورق الأقحوان غضارة، ومن قطاع «2» الماس كمثاقيل الرمان في المقادير [164 ب] والأوزان. واجتمعت وفود الأطراف على إدراك ما لم يرو في كتب الأولين اجتماع مثله لأحد من صناديد القروم، وملوك العجم والروم. وحضر ذلك المشهد رسل طغان خان ملك الترك أخي أيلك، فرأوا ما لم تره العيون، ولم تبلغه الظنون، ولم يملكه قارون، صنع الله الذي أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون «3».

ذكر آل فريغون

قد كانت ولاية الجوزجان لآل فريغون أيام آل سامان يتوارثها كابر عن كابر، ويوصي بها أول إلى آخر. أشراف النفوس والهمم، كرام الأخلاق والشيم، وطاء الأكتاف لنزاع الأطراف، خصاب الرحال لوفود الأمال، دأبهم إجلال قدر الآداب، ورفع درجات الكتاب، وافتراض حقوق الأحرار، وإغلاء أسعار الأشعار، فكم من غريب آواه إحسانهم، ومن أديب أغناه سلطانهم، ومن كسير جبره إنصافهم، ومن حسير أنهضه عطفهم وإلطافهم. وكان أبو الحارث محمد «4» غرة «5» تلك الدولة، وإنسان تلك المقلة، وجمال تلك الحلة، وطراز تلك الحلة، بما يؤتي من كرم خصيب، وكنف رحيب، وشرف رغيب، ومرتقى همة بعيدة، ومستقى نائل قريب.

Page 302