ورأى السلطان غرة الرأي في دهمة ذلك الخطب أن يبدأ به على عزة جانبه، [154 أ] فيذل صليفه «3»، ويبيح غريفه «4»، ويمزق لفه ولفيفه، جامعا بين غزوتين «5»، وقاطفا جني الجنتين؛ فبسط عليه أيدي القتل والإيثاق، والنهب والإرهاق، والهدم والإحراق، يلجئه من مضيق إلى مضيق، وينفيه من طريق إلى طريق، طاويا عليه بلاده طي التجار بحضرموت برودا «6»، إلى أن ضجرت القنا «7» من هتك حلق الدروع «8»، وسكرت الظبى من رشف علق الأحشاء والضلوع، وركب أثره في أغوار دياره، وأعماق رباعه، يتجسس دماث «9» السهول، وقضض الأماعز «10»، ويقري عليه وحوش الجو بين ضيق المداخل ورحب المفاوز، حتى أضمرته قشمير «11». ولما سمع أبو الفتوح «12» والي الملتان بما جرى من أمر عظيم الهند، وهو الوجيه الرفيع، والسد المنيع، والسيف الصنيع، قاس باعه بشبره، وذراعه بفتره، وأيقن أن رعن الجبال لا تطال بهضبات القور «1»، وزرق البزاة لا تنال ببغاث الطيور، فعجل نقل أمواله على ظهور فيلته إلى سرنديب «2»، وأخلى الملتان للسلطان يفعل فيها ما يشاء، فثنى العنان إليها مستعينا بالله تعالى على من أحدث في دينه، [154 ب] أو حدث بتوهينه، فإذا أهلها في ضلالتهم يخبطون، وفي طغيانهم يعمهون، يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون «3»، فضرب عليهم بجران «4» المحاصرة «5»، وكلكل المناجزة والمناحرة «6»، جزا للغلاصم، وبتكا للأيدي من المعاصم، وإرصادا لهم بالفاقرات القواصم، حتى افتتحها عنوة، وشحنها عقابا وسطوة، وألزمهم عشرين ألف ألف درهم يرحضون «7» بها دنس استصعابهم «8»، ويدرأون عن أنفسهم هجنة استشرائهم وإبائهم «9».
Page 284