وسعى «1» الصاحب في تمهيد الحال، وتوكيد أسباب الوصال، حتى تمت الألفة، واشتبكت العصمة، ودرت المكاتبة، واستحكمت الصداقة.
وقد كان مأمون بن محمد «2» صاحب الجرجانية «3»، وأبو عبد الله خوارزمشاه «4»، قد أحسنا التقرب إلى الرضا أيام انحيازه إلى آمل بما ساعدهما الوقت عليه من مال ورجال. فعرف ذلك لهما، وأحب أن يجزيهما عما خدماه به، [56 أ] وقدماه من قدم الطاعة له، فجعل نسا «5» برسم مأمون بن محمد، وأبيورد برسم خوارزمشاه، وعقد لكل «6» منهما على عمله [عقدا. فأنهض كل واحد منهما من يقوم بضبط عمله] «7»، وتدبير ما أصفي له. فأفرج أبو علي لمأمون «8» بن محمد عن نسا بحكم حال في المودة بينهما قديمة، وأسباب في الاتحاد أكيدة «9». ودفع أبا عبد الله خوارزمشاه عن أبيورد اعتلالا بأنها ولاية أخيه أبي إبراهيم، وأنه لا يسعه النزول عنها إلا بعوض له منها. وأمر بطرد أصحابه عنها، وشلهم دونها. فأسر ذلك خوارزمشاه في نفسه، إلى أن تمكن من الفرصة في أمره، فاستشفى منه على ما سنشرحه عند الانتهاء إلى ذكره.
Page 107