193

Al-wuzarāʾ waʾl-kuttāb

الوزراء والكتاب

[105]

رأيت، وافرض من رأيت، وأسقط من رأيت، فإني غير ناظر معك في شيء. فكان يحيى وابناه الفضل وجعفر يجلسون للناس جلوسا عاما في كل يوم، إلى انتصاف النهار، ينظرون في أمور الناس وحوائجهم، لا يحجب أحد، ولا يلقى لهم ستر. وقام يحيى بالأمور، وكان يعرض على الخيزران، ويورد ويصدر عن أمرها، واحتفر القاطول، واستخرج نهرا سماه أبا الحيل، وأنفق عليه عشرين ألف ألف درهم، وقلد ثابت بن موسى ديوان العراقين وخراج الشام، وأمر بإجراء القمح على أهل الحرمين، وتقدم بحمله من مصر إليهم، وأجرى على المهاجرين والأنصار، وعلى وجوه أهل الأمصار، وعلى أهل الدين والآداب والمروءات، واتخذ كتاتيب لليتامى. وكانت الدواوين كلها إلى يحيى بن خالد مع الوزارة، سوى ديوان الخاتم، فإنه كان إلى أبي العباس الطوسي. وكان يحيى أول من أمر من الوزراء، وكان أول من زاد في الكتب: وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله، وأنشأ في ذلك كتابا، وذكر فيه فضل الأنبياء عليهم السلام.

وكان الرشيد ساخطا على إبراهيم بن ذكوان الحراني، فحبسه وقبض أمواله، فحبسه يحيى في داره، وكفه عنه، وتلطف إلى أن استكتبه لمحمد بن سليمان ابن أبي جعفر، وكان يلي البصرة، فأشخصه.

وأمرت الخيزران أن يقتل من كان تسرع إلى خلع الرشيد، ودعا إلى بيعة جعفر بن الهادي، فقال لها يحيى: أو خير من ذلك؟ قالت: وما هو؟ قال: يرمي بهم في نحور الأعداء، فإن دفعوا عن أنفسهم كان لهم في الدفع عنها شغل، وإن أصابهم العدو كنت قد استرحت منهم، فأذنت له في ذلك، فتخلص القوم جميعا.

Page 193