Al-wuzarāʾ waʾl-kuttāb
الوزراء والكتاب
Genres
لو يمس البخيل راحة يحيى ... أسمحت كفه ببذل النوال فقال له: تلك راحتك يا أمير المؤمنين، وقبل يده ورجليه، فأمر له بإقطاع، ووصله بعشرين ألف دينار، ثم ناظره في خلع هارون، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك إن حملت الناس على نكث الأيمان، هانت عليهم أيمانهم، وجرأتهم على حل العقود التي تعقد عليهم، ولو تركت الأمر في بيعة أخيك بحاله، وبويع لجعفر من بعده، كان ذلك أوكد لبيعته، فقال له: صدقت ونصحت. وأنا أنظر في هذا، ثم صرفه. ثم لم تطب نفسه، فدعا بيحيى فحبسه، فتلطف في أن يدعو به ويخليه، ففعل ذلك، فلما خلا به قال: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن كان ما نعوذ بالله منه قبل بلوغ جعفر، وقد خلعت هارون، هل تتم الخلافة لمن لم يبلغ الحلم؟ قال: لا، قال: فدع هذا الأمر حتى يبلغ جعفر، فإذا بلغنا الله ذلك، فعلى أن آخذ بيد هارون حتى يبايعه عفوا، والله والله يا أمير المؤمنين، فإنك إن فعلت هذا، وحدث ما نعوذ منه، وثب على هذا الأمر أكابر أهلك، وخرج الأمر عن ولد أبيك، ووالله لو لم يعقد المهدي لهارون، لوجب أن تعقد له، ليكون في بني أبيك، فشكر منه هذا القول، وأطلقه.
Page 185