72

فقال سيف: أهكذا اختار ذو جدن؟ أهكذا اختار ذو يزن؟

فقال الشيخ: من يكون ذو يزن وذو جدن؟ لن يستطيع فرد أن يقاوم سنة الخليقة.

فقال سيف: إذن فلا حيلة لنا؟ فما معنى اختيارنا؟

فتبسم الشيخ قائلا: مرحى يا سيف! حجة قوية. نعم يا ولدي، لن يستطع فرد أن يختار لأمة. لن يستطيع فرد أن يرد تيار أمة، ولكنه يقدر على أن يضرب المثل الأعلى.

فقال سيف: لقوم يختارون لأنفسهم؟

فأجاب الشيخ: صدقت مرة أخرى يا سيف، الناس يختارون لأنفسهم حقا، ولكن الإنسان على ما فيه من أخلاط الضعف ينطوي على ضمير، نعم، للإنسان ضمير يتعلق دائما بالمثل الأعلى.

فقال سيف كأنه يحدث نفسه: المثل الأعلى!

فقال الشيخ في حماسة: نعم يا ولدي. هو الذي يمس ضمير الإنسانية دائما، هو الذي تتعلق به الأمم دائما حتى في أشقى حالاتها. لن تجد أمة تنطق بلسانها العام إلا رددت مثلا أعلى، هي لا تنتظر إلا من ينطق لها أولا، هذا هو المنبع.

فقال سيف: هذا هو المنبع؟

فقال الشيخ: نعم يا سيف؟ هذا المنبع الذي تستمد الأمم منه حياتها. لسان صادق يهتف أولا بالمثل الأعلى.

Unknown page