تلك هي حالة إيطالية التي أراد كافور أن يحكم أوروبا في قضيتها وقد زار الملك فيكتور عمانوئيل ملوك الحلفاء بعد سقوط سواستيبول في أيديهم الحلفاء، فاحتفلت إنكلترة بمقدمه واعتبرته دعاية الإصلاح الجديد في إيطالية، وقد دل ذلك الاحتفال على أن سياسته الرشيدة كانت موضوع عطف الإنجليز ورضائهم، أما في باريس فقد كان أثر هذه السياسة بالغا، حتى إن الإمبراطور - وقد أعجب بكافور - تساءل ماذا يستطيع أن يعمل في سبيل بيمونته وإيطالية؟ ولكن حدث أن دخلت القضية الشرقية في دور غير ملائم، فبيمونته كانت تنظر إلى استمرار الحرب بعين الارتياح للحصول على أكاليل ظفر الجديدة وربط الحلفاء بتعهدات جديدة لمصلحتها.
ولكن السياسة النمسوية الماهرة استطاعت في باريس أن تنفر فرنسة من الحرب، وأن تحمل الإمبراطور نابليون الثالث على أن يسلك سياسة سلمية، وأدى ذلك إلى عقد مؤتمر باريس الذي قد ينتهي إلى إقرار السلم، وذلك نصر باهر لسياستها.
وقد غدت النمسة في ذلك الحين سيدة الموقف، وأظهرت فرنسة استعدادها للسير وراءها، فأدرك كافور مدى الخطر الذي ينتج عن استعادة النمسة منزلتها التي فقدتها أخيرا، فبذلك تذهب التضحيات التي تكبدتها بيمونته هدرا، وليس من علاج لذلك إلا أن يدوي صوت بلاده في المؤتمر، وقد بذل كافور طول سنة 1855 جهدا جبارا لمكافحة الدسائس النمسوية التي كانت تسعى لإبعاد بيمونته عن مؤتمر باريس مستغلة رغبة فرنسة وإنجلترة العظيمة في الحصول على مساعدة مسلحة من جانب النمسة، وقد أصرت أخيرا على أن يقتصر اشتراك المفاوضين البيمونتيين على القضايا التي تخص بلادهم فقط، وأبى كافور أن تكون بيمونته في مركز ثانوي.
وما كانت الدول المعظمة لتستطيع أن تنكر وجه الحق في مطالبه، وعلى كل فقد ذهب إلى باريس وهو قليل الأمل في النجاح، وناضل هناك وما كاد المؤتمر يفتح جلساته حتى وافق بالإجماع على أن يشترك كافور في جميع محادثاته.
وكانت أهداف كافور المهمة أربعة:
أولا:
الحصول - جهد المستطاع - على أراضي بيمونته.
ثانيا:
إخراج النمسويين من الروماني ومنح هذه الدولة استقلالا ذاتيا.
ثالثا:
Unknown page