أنها لم تتضمن أي شبهة في اتهام الصحابة بعضهم لبعض بالنفاق أو الكفر، فهل من تأخر عنهم يكون أعلم وأبصر من أولئك الجمع كلهم الذين عاشوا بعد النبي ﵌؟!
رابعًا: لو حصرنا النقاط التي يمكن أن يكون فيها مطعن في عدالة الصحابة ﵃ من هذه الحادثة، لأمكن حصرها في النقاط التالية:
أ) رفض الصحابة الإذعان لأمر النبي ﵌.
ب) اختلافهم عند النبي ﵌ وارتفاع أصواتهم الدالة على عدم التوقير.
ج) سوء كلام بعض الصحابة على مقام النبي ﵌ ووصفه بالهجر.
د) رفض عمر بن الخطاب الانصياع لطلب النبي ﵌.
ويمكن بيان الرد موجزًا على هذه الشبه بالآتي من القول:
(رد أمر النبي ﵌) الصحابة ﵃ لم يخالفوا طلب النبي ﵌، ولكنهم كانوا يظنون أن المرض لربما غلب على النبي ﵌ مثل حال بقية الناس؛ لأنهم لم يرو النبي ﵌ على هذه الحالة من قبل، وكانوا يعلمون أن كتاب الله بين أيديهم، والدين قد تم بيانه وكمل تشريعه، فلذا كانوا مترددين لعدم علمهم بالمقصود من قول النبي ﵌.
(اختلافهم وارتفاع أصواتهم) ليس هناك من دليل صريح يدل على ارتفاع أصواتهم على صوت النبي ﵌، ولو صدر هذا منهم لنزل الوحي بالتوبيخ واللوم من الله، وبخاصة وأن سورة الحجرات قد تم فيها تفصيل الأدب من حيث كيفية الكلام مع النبي ﵌.
والصحابة لم يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي ﵌ بل رفعوا أصواتهم على بعضهم بسبب اختلافهم في الاستفسار وفي المقصود من طلب النبي ﵌ الكتابة لهم، فلما طال نقاشهم فيما بينهم نهرهم النبي ﵌ عن هذا الخلاف فقط، ولو كان هناك أمر يتجاوز هذا الحد لنزل بهم أمر من الله سبحانه يجتث الخطأ من أساسه.