﴿وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ [البقرة: ١٧٤] ذكرنا تفسيره فِي قوله: ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا﴾ [البقرة: ٤١]، ﴿أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ﴾ [البقرة: ١٧٤] أي: إلا ما يئول عاقبته إلى النار، كقوله: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء: ١٠]، ﴿وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [البقرة: ١٧٤] أي: لا يكلمهم كلاما يسرهم وينفعهم، فأما التهديد والتوبيخ فقد يكون، ﴿وَلا يُزَكِّيهِمْ﴾ [البقرة: ١٧٤] ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم.
قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى﴾ [البقرة: ١٧٥] مضى تفسيره.
وقوله: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ [البقرة: ١٧٥] المعنى: فما أصبرهم على عمل أهل النار حين تركوا الهدى وأخذوا بالضلالة! وقال الحسن، وقتادة، والربيع: ما أجرأهم على أعمال أهل النار! قال الفراء: وهذه لغة يمانية، يقول الرجل: ما أصبرك على كذا! يريد: ما أجرأك عليه.
وما على هذا القول: تعجب، كقولك: ما أحسن زيدا! ومعنى التعجب من الله: أنه يعجب المخاطبين ويدلهم على أنهم قد حلوا محل من يتعجب منهم.
وقال السدي: هذا على وجه الاستفهام، ومعناه: ما الذي صبرهم وأي شيء صبرهم على النار حين تركوا الحق واتبعوا الباطل؟ وما على هذا القول للاستفهام لا للتعجب، وأصبر بمعنى: صبر، مثل: كرم وأكرم.
وقوله: ذلك إشارة إلى قوله: ولهم عذاب أليم أي: ذلك العذاب لهم، ﴿بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾ [البقرة: ١٧٦] يعني: التوراة، فاختلفوا فِيهِ، أي: آمنوا ببعض وكفروا ببعض، ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ