يقول، وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي: ائتني بكتاب من السماء فِيهِ: من رب العالمين إلى ابن أبي أمية، اعلم أني قد أرسلت محمدا إلى الناس.
ومن قائل يقول: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا.
فأنزل الله ﷿: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ [البقرة: ١٠٨] معناه: بل أتريدون، فهو استفهام منقطع عما قبله، ﴿أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ﴾ [البقرة: ١٠٨] محمدًا ﵇ من الاقتراح والتمني، ﴿كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ١٠٨] يعني قولهم: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣] .
قال الزجاج: معنى الآية: أنهم نهوا أن يسألوا رسول الله ﷺ ما لا خير لهم فِي السؤال عنه، والسؤال بعد قيام البراهين كفر، لذلك قال: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ١٠٨] أي: قصده ووسطه.
ومعنى الضلال: الذهاب عن الاستقامة.
قوله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا﴾ [البقرة: ١٠٩] قال ابن عباس: نزلت فِي نفر من اليهود قالوا للمسلمين، بعد وقفة أحد: ألم تروا إلى ما أصابكم؟ ولو كنتم على الحق ما هزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.
وقوله تعالى: حسدا أي: يحسدونكم حسدا، من عند أنفسهم أي: فِي حكمهم وتدينهم ومذهبهم، أي: هذا الحسد مذهب لهم، لم يؤمروا به، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: ١٠٩] فِي التوراة أن قول محمد صدق، ودينه حق.
قوله: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾ [البقرة: ١٠٩] أي: عن مساوئ كلامهم وغل قلوبهم، ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ [البقرة: ١٠٩] قال عطاء: يريد: إجلاء النضير وقتل قريظة، وفتح خيبر وفدك.