الفصل الأول في ذكر بعض السنية أحواله
أما صفته صلى الله عليه وسلم فكان ليس بالطويل ولا بالقصير ضخم الرأس كثير الشعر كثيف اللحية أبيض اللون مشوب بحمرة في وجهه تدوير أدعج العينين أهدب الأشفار يفضله ناظره في جماله على الشمس والقمر
إذا مشى كأنما يمشي في صبب وإذا التفت التفت بجميع البدن وبين كتفيه خاتم النبوءة كرز الحجلة بفتح
وهي غرة الفرس التي بين عينيها
وقيل كالتفاحة من رآه هابه ومن قرب منه أحبه عرقه طيب ورائحته أطيب من رائحة المسك
وكان أجود الناس كفا وأوسعهم صدرا وأصدقهم لهجة وأوفرهم ذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشيرة
يقول ناعته لم أرقبله ولا بعده مثله وقد أثنى الله على خلقه الجميل فقال {وإنك لعلى خلق عظيم}
يريد أنه يعفو ويصفح ويحسن ويعرض عن الجاهل
وفي مدحه قال بعضهم
(يا أيها المتعاطي وصف سؤدده ... لا تعرض الليل والبحر بالقمر)
(فإنه كان مفطورا على شيم ... معدومة المثل لم يلحقن في البشر)
فكان صلى الله عليه وسلم فيه الحلم والاحتمال والعفو مع القدرة في جميع
Page 139