439

وتقع القيروان في برية رملية وخاوية حيث لا ينبت شجر ولا حب. فالقمح وكل منتجات الأرض الضرورية للحياة تجلب من الساحل، سواء من سوسة، أو من المنستير، أو من المهدية وتبعد كل واحدة منها مسافة أربعين ميلا. وعلى مسافة اثني عشر ميلا من المدينة يوجد جبل يدعى وسلات حيث لا تزال بعض الأطلال الرومانية ماثلة (158). وهنا توجد ينابيع عديدة قرب أراض مزروعة بالخروب. ومن وسلات يجلب ماء الشرب للقيروان، التي لا تحوي نبعا ولا بئرا صالحا للشرب، بل بعض الخزانات. غير أن بعض الخزانات القديمة، تقوم في خارج المدينة وتمتلىء في وقت الأمطار. ولكن ما أن يمضي شهر حزيران (يونية) حتى لا يعثر على ماء فيها لأن الناس يسقون منها حيواناتهم. ويأتي العرب في الصيف ليقيموا حول المدينة، مما يضاعف من ندرة الماء والقمح، ولكن وجودهم يؤدي رغم ذلك إلى كثرة اللحم والتمور المجلوبة من موريتانيا، التي تبعد عن القيروان بمسافة مائة وسبعين ميلا (159).

ولقد ازدهرت الدراسات الدينية في القيروان في مرحلة من تاريخها، حتى أن أكثر علماء افريقيا كانوا من خريجيها.

وبعد أن تخربت هذه المدينة على أيدي العرب أخذت في الوقت الحاضر تعمر بالسكان من جديد، ولكن بصورة بائسة. فلا نرى فيها حاليا سوى صناع فقراء ومعظمهم من دباغي جلود الأغنام والماعز، الذين يبيعون الثياب الجلدية في مدن نوميديا حيث لا تتوافر الأقمشة الأوروبية. وفضلا عن ذلك يتعرضون لا بتزاز ملك تونس، وقد أوقعهم ذلك في كرب عظيم كما رأيت ذلك في اثناء رحلة من تونس إلى نوميديا، حيث كان هناك معسكر ملك تونس في عام 922 للهجرة (160).

مدينة قابس

قابس مدينة كبيرة جدا بناها الرومان على حافة البحر المتوسط في صدر

Page 464