210

المئذنة. ولكن الذين يؤذنون في أوقات صلاة النهار لا ينالون أي أجر، وإنما يعفون من ضريبة العشر ومن جميع الضرائب الأخرى.

وفي هذه المدينة جامع كبير يسمى «جامع القرويين» (121)، وهو كبير للغاية إذ يبلغ محيطه ميلا ونصف (122) وله واحد وثلاثون بابا، وكلها كبيرة وعالية، وتبلغ المساحة المسقوفة فيه حوالي 150 ذراعا توسكانيا (123) طولا، واقل بقليل من ثمانين ذراعا عرضا (124). ومنارته، التي يؤذن فيها للصلاة، عالية جدا بدورها. ويدعم السقف ثمان وثلاثون قنطرة في الطول وعشرون قنطرة في العرض. وتوجد حول بناء الجامع، أي على الواجهات الشرقية والغربية والشمالية، رواقات، عرض الواحد منها ثلاثون ذراعا (125) وطوله أربعون ذراعا (126). ونجد تحت هذه الأروقة المخازن التي يحفظ فيها الزيت والأشياء الأخرى الضرورية لحاجات الجامع. ويوقد فيه كل ليلة ستمائة سراج، ولكل قنطرة مصباحها. ويتجهز صف أقواس الوسط، وخاصة تلك التي تؤدي للمحراب، يتجهز هذا الصف وحده بمائة وخمسين مصباحا. وقد صنعت الثريات من برونز مأخوذ من أجراس بعض المدن النصرانية التي فتحها ملوك فاس. وتظهر في داخل الجامع، وعلى طول الجدران، كراسي من مختلف الأنواع وهي التي يلقى منها بضعة أساتذة دروسا على الشعب في أمور دينه وفي شريعته الروحية، وتبدأ هذه الدروس بعد الفجر بقليل وتنتهي بعد شروق الشمس بساعة. أما في الصيف فلا تلقى الدروس إلا ابتداء من منتصف الليل حتى الساعة الواحدة والنصف صباحا. ويكون التدريس في مواد تتعلق بالعلوم الأخلاقية والروحية المتصلة بشريعة محمد (صلى الله عليه وسلم). ويلقى الدروس الصيفية أشخاص عاديون. أما الدروس الأخرى فلا يعهد بها إلا لرجال أكفاء في هذه المواد. ويتقاضى كل منهم عن دروسه مرتبا طيبا، وتقدم له الكتب والإضاءة. أما إمام الجامع فليس له من مهمة سوى إقامة الصلاة والإمامة بالمصلين. وهو يمسك حسابا دقيقا ومتقنا عن الأموال والأملاك التي تقدم للجامع لحساب الأولاد القاصرين، كما يعتبر

Page 230