123
﴿إذ قال الله يا عيسى﴾ والمعنى: ومكر الله إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾ أَيْ: قابضك من غير موتٍ وافيًا تامًا أَيْ: لم ينالوا منك شيئًا ﴿ورافعك إليَّ﴾ أَيْ: إلى سمائي ومحل كرامتي فجعل ذلك رفعًا إليه للتَّفخيم والتَّعظيم كقوله: ﴿إني ذاهبٌ إلى ربي﴾ وإنَّما ذهب إلى الشَّام والمعنى: إلى أمر ربِّي ﴿ومطهِّرك من الذين كفروا﴾ أَيْ: مُخرجك من بينهم ﴿وجاعل الذين اتبعوك﴾ وهم أهل الإِسلام من هذه الأمَّة اتَّبعوا دين المسيح وصدَّقوه بأنَّه رسول الله فواللَّهِ ما اتَّبعه مَنْ دعاه ربًّا ﴿فوق الذين كفروا﴾ بالبرهان والحُجَّة والعز والغلبة
قال تعالى ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين﴾
قال تعالى ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ والله لا يحبُّ الظالمين﴾
﴿ذلك﴾ أَيْ: ما تقدَّم من النَّبأ عن عيسى ومريم ﵉ ﴿نتلوه عليك﴾ نخبرك به ﴿من الآيات﴾ أَي: العلامات الدَّالَّة على رسالتك لأنَّها أخبارٌ من أمورٍ لم يشاهدها ولم يقرأها من كتاب ﴿والذكر الحكيم﴾ أَي: القرآن المحكم من الباطل وقيل: الحكيم: الحاكم بمعنى المانع من الكفر والفساد
﴿إنَّ مثل عيسى﴾ الآية نزلت في وفد نجران حين قالوا للنبي ﷺ: هل رأيت ولدًا من غير ذَكَرٍ؟ فاحتجَّ الله تعالى عليهم بآدم ﵇ أَيْ: إنَّ قياس خلق عيسى ﵇ من غير ذَكَرٍ كقياس خلق آدم ﵇ بل الشأن فيه عجب لأنَّه خُلق من غير ذكر ولا أنثى وقوله: ﴿عند الله﴾ أَيْ: في الإنشاء والخلق وتَمَّ الكلام عند قوله: ﴿كمثل آدم﴾ ثمَّ استأنف خبرًا آخر من قصَّة آدم ﵇ فقال: ﴿خلقه من تراب﴾ أَيْ: قالبًا من تراب ﴿ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ﴾ بشرًا ﴿فَيَكُونُ﴾ بمعنى فكان

1 / 213