al-Wagal wa-l-tawattuq bi-al-ʿamal
الوجل والتوثق بالعمل
Investigator
مشهور حسن آل سلمان
Publisher
دار الوطن
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٨ - ١٩٩٧
Publisher Location
الرياض
الْحَكِيمُ: إِنَّ هَذِهِ الْأُثْرَةَ الَّتِي آثَرْتُ بِهَا الْمُقْعَدَ إِنَّمَا هِيَ ذَخِيرَةٌ لِي وَضَعْتُهَا عِنْدَهُ لِيَوْمِ فَاقَتِي. قَالَ: وَمَتَى ذَاكَ الْيَوْمُ؟ قَالَ: يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى ذَخَائِرِهِمْ فِي الْآخِرَةِ. فَتَعَجَّبَ الصَّيَّادُ لِذَلِكَ وَنَدِمَ.
قِصَّةُ هَلَاكِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَلَقَدْ عَجِبْتُ لِهَذَا الشُّغْلِ الَّذِي غَرَّ أَهْلَ الْعَقْلِ وَالْجَهْلِ حَتَّى هَلَكُوا جَمِيعًا بِالرَّجَاءِ وَالطَّمَعِ، كَمَا هَلَكَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ. قَالُوا: أَخْبِرْنَا كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ؟ . قَالَ أَنْطُونِسُ: اصْطَحَبَ رَجُلَانِ يَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ إِلَى أَرْضٍ يَبْتَاعَانِ الْجَوْهَرَ، فَسَارَا فِي عُمْرَانٍ مِنَ الْأَرْضِ وَاتِّصَالٍ مِنَ الْمِيَاهِ، حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى بِئْرٍ، وَمِنْ وَرَاءِ تِلْكَ الْبِئْرِ مَفَازَةٌ مَسِيرَتُهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِرْبَةٌ، فَمَلَأَ الْيَهُودِيُّ قِرْبَتَهُ، وَأَرَادَ النَّصْرَانِيُّ أَنْ يَمْلَأَ قِرْبَتَهُ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: تَكْفِينَا قِرْبَتُنَا هَذِهِ، وَلَا تُثْقِلُ دَوَابَّنَا، فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: أَنَا أَعْلَمُ بِالطَّرِيقِ. فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَشْرَبَ الْمَاءَ كُلَّمَا عَطِشْتَ. قَالَ: لَا، فَتَرَكَ النَّصْرَانِيُّ قِرْبَتَهُ فَارِغَةً وَسَارَ مَعَ صَاحِبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَحْتَاجُ إِلَى الْمَاءِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَا الْمَفَازَةَ أَصَابَهُمَا سَمُومٌ شَدِيدَةٌ أَنْفَدَ مَا كَانَ فِي الْقِرْبَةِ، فَقَعَدَا فِي الطَّرِيقِ يَتَلَاوَمَانِ وَيَقُولُ النَّصْرَانِيُّ لِلْيَهُودِيِّ: مَا أَهْلَكْنَا إِلَّا رَأْيُكَ الْقَبِيحُ، وَمَا صَنَعْتَ ذَلِكَ إِلَّا لِعَدَاوَةِ مَا بَيْنَنَا فِي أَمْرِ الْمَسِيحِ قَالَ الْيَهُودِيُّ: أَتَرَانِي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَكَ وَأَقْتُلَ نَفْسِي؟ قَالَ النَّصْرَانِيُّ: أَبْعَدَكَ اللَّهُ كَمَا لَمْ تَرْحَمْنِي. قَالَ الْيَهُودِيُّ: وَيْحَكَ، إِنَّمَا نَهَيْتُكَ عَنْ حَمْلِ الْمَاءِ لِضَعْفِ حِمَارِكَ، وَكَرِهْتُ لَكَ الْمَشْيَ. قَالَ
1 / 47