281

Wahy Wa Waqic

الوحي والواقع: تحليل المضمون

Genres

هل الخوف من السلطان وحكمه المطلق وأجهزة الأمن والشرطة العلنية والسرية؟ فهي الرعية وهو الراعي، تشبيه الغنم وراعي الأغنام. عليها السمع والطاعة،

أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم . الخروج عليه فتنة،

والفتنة أشد من القتل . هل العقائد الأشعرية هي المسئولة؟ القضاء والقدر والأمثال العامية التي تولدت منه والتي حاول المصلحون مناهضتها، فالحاكم الظالم قضاء من الله، وقدر منه، لا يمكن تفاديه. هو امتحان واختبار وبلاء. فالمؤمن مصاب. هل تصور الإمام عند الفلاسفة والمتكلمين، كامل الأوصاف الذي لا يوجد أكمل منه؟ حكمه بالطبيعة والتاريخ والزعامة الشخصية ومدى الحياة. ليس محددا بمدة أو بسلطة إلا الكتاب الذي يمكن تأويله لصالح النخبة ولصالح الجماهير في آن واحد وكما يتضح هذه الأيام في مبدأ «الحاكمية». هل الهروب إلى التصوف والطرقية هو السبب في تحويل الدين إلى اغتراب خارج العالم، والاتحاد بالله بالقفز فوق العالم، والتحول إلى الرأسي تعويضا عن الأفقي؟ هل هي كل القيم التي أفرزها التصوف، المقامات والأحوال، الصبر والتوكل والخوف والخشية والرضا والتسليم التي منعت الناس من الثورة والغضب والتمرد والاعتراض والنفي والمواجهة؟

هل تعودت الجماهير في تاريخها الحديث من محمد علي حتى عبد الناصر على أن تعمل في الدولة وتخدم مشروعها الوطني الذي تقوم به الدولة نيابة عن الأمة؟ فتعودت الجماهير على الطاعة والسلبية والتصفيق للحكام، حربا أم سلما، اشتراكية أم رأسمالية، قطاعا عاما أم خاصا، باسم الديمقراطية المباشرة التي يعبر فيها الزعيم والقائد والأخ عن مصالح الجماهير؟ هل اكتفاء الجماهير بالسعي وراء الرزق والبحث عن رغيف الخبز مع التنازل عن الحرية، في حين أن القرآن يجمع بينهما،

فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف . هل لأن الفترة الليبرالية كانت قصيرة في حياتنا بعد ثورة 1919م؟ وكانت وافدة من الخارج وليست نابعة من الداخل. تمثلتها النخبة دون الجماهير.

هل السبب هي الانقلابات العسكرية الأخيرة في منتصف الخمسينيات التي احتكرت من خلال الحزب الواحد، العمل السياسي، بعد ثقة الجماهير بالضباط الأحرار، ومشاهدتهم على الطبيعة إنجازات الثورة: الإصلاح الزراعي، التأميم، القطاع العام، تدعيم المواد الغذائية، لجان تقدير الإيجارات، بناء المدارس. وعلى الصعيد الخارجي: مقاومة الاستعمار والصهيونية، القومية العربية، باندونج، العالم الثالث. كانت هناك هبات شعبية محدودة مثل أزمة مارس 1954م، والمظاهرات الشعبية ضد أحكام الطيران في مارس 1968م، والهبة الشعبية ضد غلاء الأسعار في يناير 1977م، وتحركات الأمن المركزي ضد الفقر في يناير 1986م، والمظاهرات ضد العدوان الأمريكي على العراق في يناير 1991م وضد الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003م. فلا يمر عقد من الزمان إلا وفيه هبة شعبية. تنطفئ بمجرد أن تندلع لأنها لا عصب لها قادرا على أن يستولي على السلطة وأن يكون سلطة بديلة. كانت نخبوية طلابية دائما وفي أقلها شعبية جماهيرية بالاشتراك مع كافة طبقات الشعب، مطالبة بالخبز والحرية في آن واحد.

وكما يوجد في الموروث القديم ما يجعل الجماهير مطيعة للحكام فإن فيه أيضا ما يجعل الأئمة والناس، الخاصة والعامة خارجة على الحاكم الظالم. مثل: إن أعظم شهادة قولة حق في وجه إمام جائر. البداية بالنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تقوم به صحافة المعارضة، ثم اللجوء إلى القضاء لمقاضاة الحاكم إذا ما صالح الأعداء، وتهاون في إقامة الثغور وتقوية الحدود ل «الذب عن البيضة»، وإن لم يأخذ حقوق الفقراء من أموال الأغنياء، وإن قام الحكم على الظلم وليس العدل، فالعدل أساس الملك. وعليه قامت السموات والأرض بالميزان. وحاكم كافر عادل خير عند الله من حاكم مسلم ظالم. فإن لم يرع الحاكم فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والخروج عليه واجب بقيادة قاضي القضاة وعلماء الأمة كما يفعل نادي القضاة في هذا العصر.

كما يتحدث القرآن عن الشعوب والقبائل والأقوام والرهط والأناس أي الجماعات والفتية الذين آمنوا بربهم وازدادوا هدى. وفي الحديث الذي يروى أيضا عن موسى «تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم أمتي يوم القيامة». ويدعو القرآن إلى تحمل الأمانة والرسالة التي حملها الإنسان طوعا واختيارا،

إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان . هي أمانة تحقيق كلمة الله كنظام مثالي للعالم. وراثة النبي بعد استقلال العقل وحرية الإرادة.

لقد خرجت حركات التحرر الوطني في حياتنا المعاصرة عن جبة الحركات الإصلاحية في المغرب العربي والسودان واليمن وفلسطين لقدرتها على حشد الناس، والتوحيد بين الوطن والعروبة والإسلام دون وضع لتصادم مفتعل بينها كما هو الحال في القطرية المغالية، الوطن أولا أو القومية المغالية، القومية العربية العلمانية للجمع بين المسلمين والنصارى، والأصولية الأممية التي لا ترضى بأقل من الأمة الإسلامية ودولة الخلافة. وقامت الثورات الإسلامية، المهدية، والإيرانية على أكتافها. ونجحت في حصد الأغلبية مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا والمغرب. وما زالت هي أقدر الحركات والتيارات السياسية قدرة على تحريك الجماهير في مصر والأردن. وتقاوم في العراق وفلسطين بل وأفغانستان والشيشان.

Unknown page