ما أحب أن أسترسل في الشواهد، وإنما أحب أن أقرر بصراحة أن إنشاء الجامعة العراقية أصبح واجبا كل الوجوب، وكنت فكرت في الخروج إلى الميدان لهذه الفكرة الشريفة، ثم رأيت أنني لا أعرف من أخاطب، وإلى من أتوجه، لأني مع الأسف غريب، وإن كان قلبي يحدثني بأني لست في هذا البلد من الغرباء .
وهذه أول مرة ألقى فيها سهمي، وأطوي لوائي، فإلى شبان العراق وكهوله، وإلى أدبائه ونوابه وأعيانه، إليهم جميعا أكل هذه الأمانة الغالية وهي فكرة الجامعة العراقية، ويجب أن تحترسوا، فسيقول قوم إن أهل العراق ينسون حقوق بغداد.
وسأنظر وينظر العالم ما تصنعون. •••
أما الوسيلة الرابعة فهي اطلاعكم على الجديد في عالم النشر والترجمة والتأليف.
والظاهر أن سوق الوراقين، وهو ما تسمونه سوق السراي، لا يؤدي واجبه تأدية صحيحة، وأخشى أن أقول إنه لا يتصل بالقاهرة أتم اتصال، أو هو لا يتقبل من الكتب إلا ما يعرض عليه، فليس عنده سياسة مرسومة، لأنه يجهل أصول الاقتصاد، فالشاب العراقي قد يتشوق إلى كتاب جديد ثم لا يجده في سوق السراي، وحين يتنبه هذا السوق إلى الكتاب المطلوب تكون حماسة الشاب فترت وتضيع فرصة الاطلاع، وقد لاحظت أن بعض المؤلفات المهمة يجهلها شبان العراق بفضل تكاسل الوراقين.
وربما كان من الخير أن أقترح إنشاء جائزة تسمى جائزة الوراقين تمنح لأكبر وراق تحسن سمعته في معاملة المكاتب العربية ويصل شبان العراق بما ينشر في سائر الحواضر العربية، ولا ينبغي أن نطلب معونة الحكومة في جميع الشؤون فيكفي أن تكون هذه الجائزة شهادة تمنحها جماعة أدبية مكونة من المؤلفين والصحفيين.
هذه أيها الأخ أهم الوسائل لتقوية النهضة الأدبية في العراق. •••
بقى السؤال الرابع وهو الخاص بما أراه في الصحافة اليومية والأسبوعية التي تصدر عن العراق، فما رأيك إذا هربت من جواب هذا السؤال؟
أنا لا أخاف من الجهر بكلمة الحق، ولكني أعرف أن الصراحة في هذا الموطن لها عواقب، وقد أعرض الصحفيين العراقيين إلى موقف شائك، فقد تغضبهم صراحتي فيهجمون على رجل لا يملك وسائل الدفاع.
والحق الذي يعرفه الجميع أنني رجل مشاغب، ولكنني أعجز عن الشغب في العراق؛ لأن الحكومة المصرية بالمرصاد، وقد يسوءها أن أشتبك في معركة أدبية فتطلبني بالبرق لا بالبريد.
Unknown page