74

بدا أن تلك المعلومة أغضبت ليونارد. فانفجر غاضبا: «لم أسمع عن هذا الهراء اللعين من قبل. أنا أربي الدجاج بالطريقة الطبيعية، وإلا فلن أربي الدجاج مطلقا.» وقفز إلى سيارته خشية أن يتفوه بالمزيد.

لما وصل إلى المنزل، وجد زوجته تضع العشاء، وكانت الطفلة الرضيعة تجلس بالقرب منها في عربة الأطفال الخاصة بها، وتلعب بخشخيشة. رفع ليونارد - بقذارته وعرقه - الرضيعة النظيفة ، وبدأ يقبلها ويشتمها ويفرك ذقنه الملتصقة به بقايا الزرع في ثنايا رقبتها الناعمة. كانت الطفلة الصغيرة مهتاجة من الفرح.

نادت سوزي وهي عند الموقد: «اذهب واغتسل من أجل العشاء يا لين.» وضع الطفلة في عربتها، وبدأ يغتسل في حوض القصدير، ويتحدث وهو مغمض العينين. «سوزي، أنا في مزاج سيئ للغاية. لا أستطيع تحمل زوجة كلود اللعينة تلك!»

كانت تخرج عيدان ذرة مشوية من وعاء حديدي كبير، ونظرت لأعلى من وسط البخار. «عجبا، هل رأيتها؟ استمعت خلسة إلى مكالمة هاتفية لها صباح اليوم، وسمعتها تخبر بايليس أنها ستبقى في المدينة حتى وقت متأخر.» رد: «أوه، نعم! لقد ذهبت هي بالفعل إلى المدينة، وها هو هناك يتناول عشاء باردا بمفرده. تلك المرأة متعصبة. إنها لا تكتفي بتحريم الأشياء على البشر، بل بدأت تمارس ذلك على الدجاج الآن.» لما وضع الكراسي ودحرج عربة الطفلة بالقرب من الطاولة، شرح لزوجته طريقة إنيد في تربية الدجاج. قالت إنها حقا لا ترى بأسا في ذلك. «الآن اصدقيني القول يا سوزي، هل علمت من قبل أن الدجاج يمكن أن يستمر في وضع البيض من دون ديك؟» «كلا، لم أسمع عن شيء كهذا، ولكني نشأت بالطريقة التقليدية. تمتلك إنيد كتبا عن تربية الدواجن وكتبا عن البستنة، وما شابه من الأشياء. لا ريب أنها تحصل على أفكار جيدة منها. ولكن على أي حال، كن حريصا. إنها أقرب الجيران لنا، ولا أريد مشكلات معها.» «سأبتعد عن طريقها إذن. إذا حاولت تنفيذ أي أعمال تبشيرية بين دجاجاتي، فسأخبرها ببعض الحقائق المنزلية التي لا يستطيع زوجها إخبارها بها. في رأيي، إنها جعلت ذلك الفتى يخضع لآرائها.»

اعترفت سوزي، وهي تملأ طبق زوجها ثانية: «والآن يا لين، أنت تعلم أنها لن تزعج دجاجاتك. لذا، فالزم الصمت. ولكن يبدو أن كلود قد بدأ يتجنب الناس نوعا ما. تقول السيدة جو هافل إن إرنست لم يعد يذهب إلى كلود. يبدو أن إنيد ذهبت إلى هناك، وأرادت من إرنست أن يلصق على جدار إصطبله بعض ملصقات لدعم حظر الكحوليات التي تتحدث عن وجود خمسة عشر مليون معاقر للخمر في المنطقة؛ وذلك حتى يكون قدوة للبوهيميين. قالت السيدة هافل إن إرنست لم يكن ليفعل هذا، وأخبر إنيد أنه سيصوت من أجل بقاء الحانات؛ ولذا غضبت منه غضبا شديدا. أحزن بشدة عندما أتذكر الوقت الذي كانا فيه صديقين حميمين. اعتدت أن أراهما معا.» تحدثت سوزي بلطف شديد جعل زوجها يرمقها بنظرة سريعة تنم عن عاطفة خجلة. «هل تظنين أن كلود سرته زيارة ذلك القس لهما قبل مرور شهرين على زواجهما؟ هل سره جلوسه في الشرفة الأمامية بربطة عنقه البيضاء كل يوم بينما كان كلود بالخارج يحصد القمح؟»

كانت سوزي معتادة على النظر إلى الجانب المشرق من الأشياء؛ ومن ثم قالت: «حسنا، على أي حال، أظن أن كلود توفر لديه طعام أكثر لما كان يمكث القس ويلدون في المنزل. لن يطعم القساوسة بناء على حساب السعرات الحرارية، أو أيا كان ما تسميه إنيد. تحتفظ زوجة كلود بمطبخ رائع، ولكن يمكنني فعل ذلك أيضا، إذا لم أطبخ كثيرا مثلها.»

رمقها ليونارد بنظرة ذات معنى. «لا أظن أنك ستعيشين مع رجل يمكنه أن يعيش على الأطعمة المعلبة.» «نعم، لا أعتقد أن هذا سيحدث لي.» دفعت العربة تجاهه. «خذها، أيها الأب. إنها تريد اللعب معك.»

وضع ليونارد الطفلة على كتفه وحملها كي يريها الخنازير. ظلت سوزي تضحك مع نفسها، بينما كانت ترفع الأطباق عن الطاولة وتغسلها؛ لقد سرها بشدة ما قاله لها زوجها.

في وقت متأخر من ذلك المساء لما ذهب ليونارد إلى الحظيرة كي يطمئن أن كل شيء على ما يرام قبل الخلود إلى النوم، لمح شيئا أسود يمشي بطول الطريق السريع تحت ضوء القمر، بضوء أحمر يومض في الخلف. نادى على سوزي كي تأتي إلى الباب. «انظري، إنها على الطريق؛ ها هي عائدة للمنزل كي تخبر كلود بنجاح الاجتماع. ألن تكون هذه طريقة لطيفة لدخول زوجة مثلها؟» «ليونارد، ما دام كلود يعجبه ذلك ...»

اعتدل ليونارد الضخم في وقفته وقال: «يعجبه ؟ ما الذي يمكنه أن يفعله هذا الفتى البائس؟ إنه مغلوب على أمره!»

Unknown page