42

التفتت إنيد إلى جلاديس؛ إذ بدا واضحا أنها لم تكن تنصت إليهما. «أنت الشخص الذي يستطيع التخطيط لبناء قصر على تل تريفور يا جلاديس. لا يخلو عقلك من مثل هذه الأفكار المبتكرة عن المنازل.»

قالت جلاديس بهدوء: «نعم، فمن لا يملكون المنازل يبدو في الغالب أن لديهم أفكارا مبتكرة عن البناء. ولكني أحب منزل تريفور على وضعه الحالي. وأحزن عندما أفكر في أن أحدهما قد مات. يقول الناس إنهما أمضيا أوقاتا طيبة في هذا المكان.»

نخر بايليس. «أسميها أوقاتا طيبة إن أحببت. لما أتيت لأول مرة إلى المدينة، كان الأطفال يسعون لسرقة زجاجات الويسكي من القبو. وبالطبع إذا قررت العيش في هذا المنزل، فسأهدم ذلك الفخ القديم وأشيد شيئا حديثا.» كثيرا ما كان يتحدث بتلك النبرة الفظة مع جلاديس أمام الناس.

حاولت إنيد أن تشرك السائق في الحديث. «يبدو أن هناك اختلافا في الآراء هنا يا كلود.»

قالت جلاديس غير آبهة: «أوه، إنه ملك بايليس، أو سيصبح كذلك قريبا. سيبني ما يريد. كنت أعرف دائما أن أحدا سيأخذ هذا المكان مني يوما ما؛ ولذا فأنا مستعدة.»

تمتم بايليس باندهاش: «يأخذه منك؟» «نعم. ما دام لم يشتره أحد ويغير ملامحه، فهو ملك لي ولأي أحد آخر.»

قالت إنيد مازحة: «كلود، أصبح لكل واحد من أخويك منزل. فأين سيكون منزلك؟»

رد ساخرا: «لا أعرف إن كنت سأمتلك واحدا يوما ما أم لا. أظن أنني سأرتحل حول العالم قليلا قبل أن أحدد ما سأفعله.»

قالت جلاديس بنبرة تنم عن ضجر مفاجئ: «خذني معك يا كلود!» من تلك التمتمة الحزينة، شكت إنيد أن بايليس أمسك بيد جلاديس تحت غطاء جلد الجاموس الذي كانا يضعانه على أرجلهما.

خيمت الكآبة على رحلة التجول بمركبة الجليد. حتى إنيد التي لا تتمتع بحساسية كبيرة تجاه العواطف المكبوتة، رأت أن هناك كبحا غير مريح للعواطف. هبت ريح شديدة. اقترح بايليس مرتين أن يعودوا، ولكن أخاه رد عليه قائلا: «سنعود قريبا جدا»، وتابع طريقه. قصد أن يحصل بايليس على ما يكفي من الأمر. وإلى أن همست إليه إنيد موبخة: «أعتقد حقا أنه ينبغي أن نعود؛ بدأت برودة الجو تقرسنا»، أدرك أنه حول رحلة التجول بمركبة الجليد إلى عقاب! لم ترتكب إنيد بالتأكيد فعلا تعاقب عليه؛ فقد فعلت ما بوسعها، وحاولت أن تغطي على أسلوبه السيئ. تخبط في اعتذاره إليها حينما ساعدها في الخروج من مركبة الجليد عند الطاحونة. وفي طريق عودته الطويل إلى المنزل، راودته أفكار مريرة عن الصحبة.

Unknown page