============================================================
06 الوحيد في سلوك أهل التوحيد شيء، حتى عاد يتكلم علي المنبر بكلام يوهم بذلك مثل أن يقول: الجهل ينقاد إلى الجهل فاتفق أن الشيخ أوحد الدين تكلم يوما علي المنبر، وقال للنقيب: من له سؤال فليسأل، فجاء إنسان بمسألة، فقال الشيخ أوحد الدين: يا صاحب السؤال- أو قال أنا أعرف- في هذه المسألة مائة وجه، بل مائتي وجه، بل ثلاثمائة وجي فقام فقير من أصحاب الشيخ نحم الدين الكبري وقال: يا سيدي أوحد الدين، قلت إنك تعرف في هذه المسألة ثلاثمائة وجه، صدقت؛ فإن الله تعالى فتق لسانك بالعلوم، لكن تقدر تقيم الدليل علي مسألة واحدة بوجه واحد؟ فقال له وما مسألتك؟ فقال له تقدر تقيم الدليل علي أنك مسلما؟
فلم يحمل الشيخ منه هذا الكلام، فقال له: ما الشأن فيك أو كلام هذا معناه - ولكن شيخك الكذا وكذا، وذكر كلاما، وسمي الشيخ نحم الدين الكبري:.
فعندما ذكر الشيخ النجم رجمه الناس، وطلعت مماليك الخليفة حتى أخذوه وأدخلوه بيت الخطابة وشهروا السيوف حتى منعوا العوام منه، وراح العوام إلى بيت الشيخ أوحد الدين في المكان الذي هو فيه، وقال له: يا سيدي، والله لقد عز على الذي جرى، فقال له الشيخ: وعز عليك؟ ليس والله لو فعلت به كذا وكذا وقال كلاما لا أتحققه من الأذى للشيخ النجم الكبري- فقال له الخليفة: يا سيدي، هذا الرحل لا يخلو إما أن يكون وليا لله تعالى أو لا، فإن كان وليا لله تعالى فكيف يحل لك أن تتلف على آخرتي؟ وإن كان غير ولي فكيف يحل لك أن تحري العوام على خلعي من الخلافة وشق عصا المسلمين؟ - أو كلام هذا معناه - وأنا فما أقدر أن أقتل كل من في بغداد، فقال له الشيخ الأوحد: وأنا أسافر، فقال له الخليفة: هذا إليك أو كما قال: ثم إن الخليفة زوده زوادة عظيمة، وسافر إلى بلاده وأقام ها سنة، فكان كأحد الناس، لم يجد الخليفة مريده، ولا أحدا يعظمه فتفكر في نفسه وسبب خروجه من بغداد، فوجد ذلك من حظ نفسه، فقال لنفسه هذا منك، كونك خرمتي من هذا الرجل الصالح العظيم القدر، من كون الناس يروحون إليه.
Page 255