============================================================
26 الوحيد في سلوك أهل التوحيد الشيخ ابو عبد الله الاسواني (1) ومن أصحاب الشيخ أبي يحيى آبو عبد الله الأسواني، كان مستدم الحال، مستغرقا في الرحمة لا يشهد العذاب.
وكان قد أقام باخميم وله زاوية هناك، ولما ذهبت إلى إخميم وهو ها، حضر الحاكم والشهود ومتولي البلد -وكان الشيخ في زاويته - فقالوا لي: هذا الشيخ أبو عبد الله يقول: ما ثم نار ولا يدخل أحد نارا؛ فإن النار أطفئها بقدمي هذه، وما هذا معناه .
فقلت لهم: أفيكم من آحت حتى غلب الحث على قلبه وغيبه عن غير محبوبه؟ فإن لم تحدوا ذلك أليس فيكم من يغلب عليه الغضب؟ وشغل الخاطر حتى يقصد مكائا فيتعداه، ولا يعقل عنه؟ فقالواء نعم فقلت: هذا الشيخ رجلك غلبت الرحمة على قلبه فغيبته عن العذاب، والعذاب موجود، ولكنه لا يشهده. قالواء ورسول الله قد أخبر بذلك؟ قلت لهم: رسول الله كامل في نفسه، مكمل لغيره، داع إلى الله تعالى، ورسول الله لجميع خلقه، فهو بشير ونذير، يخبر عن الجنة وما فيها
من النعيم، وعن النار وما فيها من العذاب الأليم، ويدعو الناس إلى الله تعالى على الصراط المستقيم. وهذا رجل غلب عليه حال فغيبه عن كل شيء غير ما شهده من رحمة ربه تعالى، ولو ظهر من رحمة الله تعالى غشر حبه لغيب ألف ألف مثل أبي عبد الله، فنحن نؤمن بحاله ولا نعترض عليه، لأته ما جحد العذاب، ولا خالف الرسول ، وكان يحب رسول الله ، ويخبر أنه يراه في كل ساعة حتى لا تكاد تمر ساعة إلا وخبر عنه.
(1) هومحمد بن يحى بن أبي بكر بن محمد بن علي بن إدريس صفي الدين أبو عبد الله الأسواني نزيل اخميم كان مشهورأ بالصلاح يعتقد الناس بركته ويتقلون عنه مكاشفات وكرامات كتب عنه الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد وأبو بكر بن عبد الباقي الخطيب وأبو عبد الله بن النعمان والشيخ قطب الدين بن القسطلاني والكمال اين البرهان، وكان من أصحاب الشيخ أبي يحيى ابن شافع .. وانظر: الوافي للصفدي (666/1) .
Page 238