============================================================
190 الوحيد في سلوك أهل التوحيد سيدي آنت الغوث، فقال له: نزه شيخك عن الغوثية.
وهذا دليل على أنه تعدى المقامات والأطوار وفات الليل والنهار، ولا القطبية ولا الغوثية مقام معلوم، ومن كان مع الله تعالى وبالله تعالى، فلا يعلم له مقام، وإن كان له في كل مقام مقام، هذا مع ذله وما وصف به نفسه وما ظهر به وما كان يؤذي فلا يجازي إلا بالإحسان ويظهر الذل والمسكنة.
ومما حكاه أو رواه الشيخ سعيد وكان من أصحاب سيدي أحمد رضي الله تعالى عنهما- وكان صاحب قدم وبحاهدة عظيمة، قال: آخبري سيدي آحمد قدس الله تعالى روحه- في ليلة من الليالي بعد العشاء الآخرة، وسار قدامي ومشيت خلفه، حى وصلنا إلى بستان بدوره، فلما وصلنا إلى ذلك الموضع - وكان مكان عال به شيء يتصل به- فقال لي: آي ولدي، قف هنا حتى أرجع إليك، قال: فوقفت، ثم مضى سيدي أحمد يسبغ الوضوع، وبقي زمائا كبيرا، وعجزت عن انتظاره، فتقدمت لأكشف خبره فلم آجده، وإنما وجدت ثيابه ملقاة على وجه الأرض بلا جسد، ووجدت هناك ماء قليل ملقى على وجه الأرض.:.
قال: فانتزع باطني وطار لبي وارتعدت فرائصي، ورجعت إلى موضعي وأنا مرعوب من ذلك، فبقيت ساعة زمانية متفكرا في حاله، وإذا به قد أقبل، فلما وصل عندي سبقتني العبرة وبكيث، وقلت له: أي سيدي، فزعث عليك لأجل عاقتك، فرحت أبصرك فلم أحدك، ووجحدت ثيابك ملقاة على الأرض ولا جحسد فيها ولا حولها أحد، ووجدت عندها قليل ماع يضيء: فقال لي لما سمع كلامي: أي ولدي، صدقت، فقلت له: أي سيدي، أقسمت عليك بالعزيز سبحانه وتعالى، و سيدي محمد المصطفى وبالشيخ قدس الله تعالى روحه، إلا ما أخبرتني أين كنت؟ وأي شيء ذلك الماء الذي أبصرته؟
فقال لي: أي ولدي، وما الذي أحوجك إلى هذا؟ أي ولدي سعيد، اكتم عني حتى أخبرك، فقلت: نعم، فقال: أنا ذلك الماء الذي رأيته، أي ولدي، نظر إلي العزيز سبحانه نظرة بعين القهر فذبت وصرت كما رأيتني كذوبان الرصاص، ثم بعد ذلك نظر إلي بعين الرحمة واللطف فصيري بكرمه بشرا سوئا، آي سعيد، وحق العزيز سبحانه
Page 189