============================================================
الوحيد في سلوك أهل التوحيد الذين على الأبواب، فلما دنوث إلى الجوارى قاموا في وجهي قومه واحدة، وقالوا مالك؟ أنت ما كلمته؟ قال: فوجدت الذي قالوه حقا، وإتني مع شهامتي وأنا شاب ووالي ما قدرت أنطق بكلمة واحدة، فكيف هؤلاء؟ وقالواء والله دخل وخرج وما قدرنا على كلمة في الدخول والخروج، فهذا سبب معتقدي فيه، وهذه الحكاية فيها بيان لأنواع التصرف والولاية الباطنة، التي يحكم بها على ولاة الأمر الظاهر، فيعجزوا عن مخالفته، والقوة الملكية والسطوة الإهية، في دخوله وخروجه لا يجترئ أحد أن يخاطبه ولا يكلمه، فضلا عن أن يرده، وأما ما أكله فلا اعتراض على أهل الكشوف والاطلاع فيما يأكلوه ويأخذوه فإفم لا يأكلون إلا ما يعلمون ويشهدون بخلافنا وما يأخذون إلا ما هو لهم لأن لله تعالى حقوقا في الأموال يأخذوها ويستخرجوها بإذن من الله تعالى إذا منعوها مستحقها، هذا إذا لم يكن هذا الأمير ممن هو بمنزلة الصديق الذي ورد في القرآن في أكل ماله أؤ صديقكم ليس عليكم جناخ أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا} [النور: 61].
وإما أن يكون المأكول في نفس الأمر لغير الأمر ويكون صاحبه من يحب أن يأكل الشيخ ويشرب، ووجوه الاحتمالات كثيرة، وأما أصحاب الكشف والاطلاع أخبر وأعلم بما يفعلونه ولا اعتراض عليهم، ولقد أخبرنا الشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالى- عن سلمان المجنون قال: كان له مريد وكان فقيها فدخلا بستائا، فصعد سلمان على شجرة فستق، وجعل يأكل والفقيه يقول: يا سيدي أصاحبها أذن لك؟ فيقول: هذا ما يرد على أن أذن لك أن تأكل، قال: فبينما نحن كذلك وإذا بصاحب البستان قد حضر فقال: يا فقير من أذن لك أن تأكل من هذه الشحرة؟ فقال: أذن لي مالكها فقال: أنا مالكها، فقال: أذن لي من هو أملك لها منك، أذن لي الله تعالى.
قال فصفق صاحب البستان وخر مغشيا عليه فلما أفاق قال: أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن هذا ولي لله تعالى، فقيل له في ذلك فقال: لما شريت هذا البستان، وقفت هذه الشجرة لله تعالى وأبحتها، ولم أطلع أحذا على ذلك إلا الله تعالى.
Page 142