110

Wahid Fi Suluk

Genres

============================================================

~~الوحيد في سلوك أهل التوحيد الموجودات وافتقارها إلى موجدها من عدمها إلى وجودها وفي حال وجودها وما يثول إليه آمرها ظاهر، آظهر من الظهور بحده بالذوق الذي هو آظهر الدليل، والدليل عليه حجاب عليه، كذوق الحلاوة والمرارة، فلا حاجة إلى استقصائه، وكذلك وصف فقراء الاحتياج، وعدم المال وعدم الاكتساب في الصدقات عليهم فقد ذكرهم في إعطاء الصدقات؛ فقال تعالى: إنما الصدقاث للفقراء والمساكين [التوبة: 60]. وذكر أصناف الاستحقاق للصدقات: الفقير عنه التوم رضي الله عنهم وأما الفقير المخصوص المطلوب، وما اصطلحت عليه الطائفة في تسميتهم (الفقير) وأوصافه، فقد قال الله تعالى: للفقراء الذين أخصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تغرفهم بسيماهم لا يسالون الناس إلحافا [البقرة: 273].

فقد وصفهم الله تعالى بصفات ظاهرة لا تخفى عليهم في آنفسهم، ولا تخفى على الناس فيهم، فمن كان موصوفا بما وصفه الله تعالى به فهو من الفقراء وإلا فلا، وذكرهم ووصفهم لإحصارهم في سبيله وعدم الاستطاعة، فصار إحصارهم في سبيل الله عائد على بجاهدهم لأنفسهم من مخالفتهم لهواها، فإنه لا بد للسالك إلى الله تعالى من ترك الهوى والحظوظ النفسانية، وخلع العادات وترك المآلوفات، من كلة نوع مآلوف من مأكل ومشرب وملبس ونكاح ومصاحب ومؤانس وغير ذلك فلا بد خلو باطنه من كل موجود سوى الله تعالى، حتى يصلح لتلقى الواردات ويصير محلا للأسرار الإلهية والتجليات الربانية: وكذلك نفرته عن كل شيء، والتوحش عن كل شيء، حتى يجد الآنس بربه تعالى، فإنه من آنس بالله تعالى استوحش ما سواه، ومن آنس بشيء سوى الله تعالى وحد الوحشة من الله تعالى، وبحسب ما تترك من نفسك لله تعالى وعلى قدر ما تحرق في نفسك من العوائد لله تعالى، يخرق الله لك العوائد في ملكه وملكوته فافهم ذلك فإحصارهم في سبيل الله تعالى بحسب المبايعة بالأنفس والآموال لقوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}[ التوبة: 111] .

Page 110