246

Al-Wāḍiḥ fī uṣūl al-fiqh

الواضح في أصول الفقه

Editor

الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

بدلًا من قولنا: ما دلَّ على ارتفاع الأمرِ بالشيءِ بعدَ استقرارِه، وزوالِ النَّهي عنه بعد ثبوتِه، أو الإِباحةِ، أو الحَظْرِ؛ لأن قولنا: زوالُ الحكم، أو ارتفاع الحكمِ، يدخلُ فيه المأمور به، والمنهى عنه، والمندوب إليه، وذِكْر الأمرِ ذكرٌ للأخصِّ، فيَسْقطُ ما ليس بأمرٍ ممَّا هو فرضٌ وندبٌ وإباحةٌ وحظرٌ، فاللَّفظُ الذي لا يَسْقُط معه ولا يَخرُجُ بعض الأحكام أحسن من اللَّفظِ الذي يَخًص، فيسقِطُ ويخرِجُ ما لا بد من دخولِه، فبان أن قولَنا: الرافعُ للحكم، أوْلى من قولهم: الرافع لمأمورٍ به.
وأما قولُنا: على وجهٍ لولاه لكان حكمُ الخطاب الأولِ ثابتًا؛ لأنه لو لم يكنِ الحكم ثابتًا بالخطاب الأولِ لولا ورودُ الثَاني، لكان ما ثبتَ بالثاني حكمًا مبتدأً، ولم يكنْ رافعًا لحكم الخطابِ الأولِ.
ويدلُّ على هذا أنه لو كان الخطاب المتضمِّنُ للحكم مفيدًا لوقتٍ محدودٍ، وقد وقِّتَتِ العبادة به، ثم وردَ بعد تَقَضَي وقتهِ خطاب آخرُ مُسقِطٌ لمثل حكمِه، لم يكنْ عند أحد نسخًا لحكم الخطاب الأولِ، وذلك نحو قوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، وهذا يفيد الصيامَ إلى حين دُخولِ الليلِ، ولا يفيدُ وجوبَه في الليلِ، فلو قال: إذا دخلَ الليل فلا تصُمْ في الليل، لم يكن نسخًا؛ لأنه لم يزِلْ حكمًا لولا ورودُه لكان ثابتًا بحقِّ الخطابِ المتقدم، فوجبَ لذلك اشتراط ذلك في الحَدَ.
وإنما قلنا: مع تراخيه عن الخطاب المتقدِّيمِ؛ لأنه لو وَرَدَ معه ومقترنًا به، لم يكنْ مزيلًا لشيءٍ ثَبَتَ بالأمرِ باتفاقٍ، ولا مُنبئًا عن انقطاع عبادةٍ ثبتت به، ذلك نحو أن يقول: صُمْ إلى الليل، فإذا دخلَ

1 / 214