209

Al-Wāḍiḥ fī uṣūl al-fiqh

الواضح في أصول الفقه

Investigator

الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

إخراجِ الصَّفْراءِ، وإنما قلنا: من غير جِهَةِ القدرةِ؛ لأنَ ما يكونُ بالقدرةِ يقعُ بالتمييزِ؛ لأن القدرةَ لا تقومُ إلا بمَحَلٍّ فيه اختيارٌ، أو تكونُ صفةً لمختارٍ، وقد أكْذَبَ الله سبحانَه، أهلَ الطبعِ بقولِه: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ الى قوله: ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ [الرعد: ٤]، ولو كانَ الماءُ يُعْطِي النباتَ الرطوباتِ بالطبعِ الذي أثْبَتُوه لأعطاها رطوبةً خاصَّة ذات طَعْمٍ خاصٍّ؛ لاستواءِ أجزاء الماءِ في نَفْسِه، فلمَّا اختلفتِ الطعوم مع اتّحادِ الماءِ والتُّرْبَةِ، علِمَ أنه لم تَأتِ النباتَ من جهةِ الطبعِ، لكنْ من جهةِ اختيارِ الصَانعِ الطَّابعِ (١)، ولأن الطبائع تَتَباينُ لتضَادِّها، وقد اجتمعت في الحيوانِ، ولا يَجْمَعُ المُتَنافِرَ إلا قاسِرٌ قاهِرٌ، وليس إلَّا المختارَ القادرَ سبحانَه.
فصل
إذا ثَبَتَ أنْ لا طَبْعَ، فلا بُدَّ أن نكشِفَ عن وجوهِ الإِضافاتِ، ونعْطِيَ كل شَيءٍ حَظهُ، حتى لايُعْطَى ما ليسَ بفاعل منزلةَ الفاعلِ، ولا تُعْطَى الآلاتُ حقَّ الأسباب، ولا يُبْخَسَ الفاعل حقَة من الفعلِ، فهذه مَهاوِي هَامِ الكَفَرةِ إلىَ هوَّةِ الإِلْحادِ، ومَزَلةُ أقدام المهْمِلينَ لأصلِ الاعتقادِ، وما يجوز لعاقلٍ أن يجَودَ الكلامَ في مسَالةِ الفَرْع لإِسقاطِ نِيًةٍ في طهارةٍ، فَيشْرِك أو يُلْحِدَ.
فاعلم أن إضافةَ الفعلِ إلى الشيءِ تكون من وجوهٍ كثيرةٍ:

= واللزوجات الردية من أقاسي البدن. "القاموس المحيط": (سقم).
(١) "تفسير القرطبي" ٩/ ٢٨١.

1 / 177