في ذلك اليوم ملأت خثعم أيديها من ذائب النجاشي وجامده، فأخذت من الذهب والفضة، وأخذت من الإبل والخيل ما أغل عليها حين باعته مالا كثيرا، وأخذت فيما أخذت نساء وفتيات من حسان الحبشة وكرائمهم كن يصحبن الجيش يرين في صحبته لذة وبهجة ومتاعا، ويرى آباؤهن وأزواجهن في استصحابهن تفريجا عنهن وتسلية لهن، وإمتاعا لأنفسهم باستصحاب هؤلاء الحسان في هذا السفر الذي لن يجدوا فيه مشقة ولن يتكلفوا فيه جهدا، وإنما هو تسلية للنفوس وتسرية للهموم وتأديب لهذه الفئة الجاهلة الغليظة من أهل البادية بهدم ذلك البيت الذي يكبرونه
105
ويعكفون عليه، ويرون أنه وحده خليق بالإكبار، وأنه وحده جدير بالتقديس. •••
سفر قاصد
106
ممتع يجب أن تكمل فيه للرجال لذات أجسامهم وبهجة قلوبهم وقرة عيونهم. ومن أجل هذا استصحب قادة الجيش وأمراؤه زوجاتهم وبناتهم يمتعنهم بالحب والرحمة، ويؤنسنهم بالود والحنان، واستصحبوا القيان مغنيات وعازفات وراقصات يزدن بهجة السفر بهجة وجمال الرحلة جمالا. ولم يخطر لهم أنهم إنما كانوا يستصحبون الحرائر والإماء ليجعلوهن نهبا لأولئك العرب الجفاة الغلاظ البادين في طريقهم إلى البيت، ولأولئك العرب الجفاة الغلاظ الحاضرين من حول البيت.
107
ويخرج سحيم بن سهيل الخثعمي مع الخارجين ويعدو مع العادين، ويملأ يديه كما ملأ بنو أبيه أيديهم ذهبا وفضة ونعما وعرضا، ولكنه يرى فيما يرى ناقة تسعى يقودها حبشي غليظ جهم، يظهر عليه فضل من قوة وبأس، ولكنه متخاذل متواكل قد نهكه الجهد
108
وأضنته العلة، فهو يسعى مذعنا لأمر سادته. ولو استجاب لنفسه لاستراح في هذا الجانب أو ذاك من جوانب الطريق، ولترك هذه الناقة تقود نفسها وتسعى إلى حيث تريد أو إلى حيث يريد لها القضاء. وينظر سحيم بن سهيل فيرى على هذه الناقة هودجا
Unknown page