قال صهيب: فأمسك عليك حريتك هذه التي تريد أن تردها علي؛ فإن الحرية لا تباع ولا تشترى.
قال عبد الله بن جدعان: ويحك يا صهيب! ماذا تقول؟! لقد اشتريتك من بني كلب، واشتراك بنو كلب من الروم أو من العرب لا أدري.
قال صهيب: فإنك لم تشترني، وإن بني كلب لم يشتروني من نفسي، وإنما عدا علي العادون فباعوني من بني كلب، وباعني بنو كلب منك على كره مني لا عن رضا ولا عن اختيار، فأنتم ترونني عبدا قنا وأنا أراني رجلا حرا، وأنتم تتسلطون على جسمي بما تملكون من قوة ومال وسلطان، ولكنكم لا تجدون لأنفسكم على نفسي سبيلا.
قال عبد الله بن جدعان: فما أكثر الرقيق الذين يكاتبون
90
على أنفسهم، ويشترون حريتهم بالأموال والأعمال!
قال صهيب: هم وما يصنعون، أما أنا فلن أكاتب ولن أشتري حريتي بمال أو عمل؛ لأني ما زلت أراني حرا في نفسي.
قال عبد الله بن جدعان: صدق حرب بن أمية، إنك لذكي القلب، جريء الجنان، ولكني أريد ...
قال صهيب: تريد أن تمتحنني؟! فإن سلطانك علي يبيح لك أن تعرضني لما شئت من محنة، فمرني بما شئت فستراني عند ما تحب، ولكن لا تعدني شيئا، فإني لا أكره شيئا كما أكره الأماني والوعود.
وهم عبد الله بن جدعان أن يرد عليه رجع حديثه، ولكن صهيبا لم يمهله، وإنما قال له متعجلا: وهل لك في أن أخفف عنك بعض هذا العبء الذي ينوء بك،
Unknown page