408

الثاني أيضا ، وليس إلا لأن العلم الإجمالى صار موجبا لتمامية الحجة على المكلف.

ولا فرق في ذلك بين اقسام العلم الإجمالي من كون أصل الحكم الكلي كحرمة الخمر معلوما وكان الشبهة في موضوعه كاشتباه الخمر بين الإنائين ، وكما لو علم بوجوب إكرام زيد واشتبه الزيد بين شخصين ، ومن كون الشبهة في أصل الحكم لتردده بين حكمين فى موضوعين ، كما لو علم أنه إما يجب عليه الدعاء عند رؤية الهلال وإما يجب عليه الصلاة عند ذكر النبي صلى الله عليه وآله ، مع اتحاد نوع التكليفين كهذا المثال ، ومع اختلافه كما لو علم بأنه إما يجب عليه الدعاء عند الرؤية ، وإما يحرم عليه الخمر ، فإنه فى القسم الأخير الذي يكون الشك فيه في موضوع التكليف ونوع التكليف لو فرض كونهما محلا لابتلائه ، كما لو كان عنده خمر ورأى الهلال فترك الدعاء وشرب الخمر ؛ فإنه عند العقل فعل قبيحا بلا كلام ، وكذلك سائر الأقسام. هذا في المقام الأول.

وأما المقام الثاني فنقول : بعد البناء على كون العلم الإجمالي منجزا لمتعلقه في الجملة لا وجه للتفكيك بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية ، وذلك لأن ما يحكم به العقل هو أن المؤاخذة والعقاب بلا بيان وحجة من قبل المولى على التكليف قبيح ، فيرفع بذلك احتمال العقاب على تقدير ثبوت التكليف واقعا أيضا ، كما هو الحال في الشبهة البدوية فى التكليف ، فإن الارتكاب يعلم بحكم العقل خلوه عن الضرر وإن صادف الحرام الواقعي ، لعدم إمكان مؤاخذة المولى على هذا التقدير العبد بأنه : لم ارتكبت ما حرمته عليك ؛ إذ ليس له حجة وبيان على هذا التكليف.

وهذا بخلاف المقام ؛ فإنا قد فرضنا في المقام الأول صيرورة التكليف بواسطة تعلق العلم الإجمالي به ذا حجة وبيان ، بمعنى أنه يكون للمولى أن يخاطب العالم بالعلم الإجمالي ويقول له : ما ذا فعلت مع أمري الفلاني أو نهيي؟

كما يصح ذلك له بالنسبة إلى العالم بالعلم التفصيلي ، ولا يمكن أن يقال : إن هذا يكون للمولى في العالم الإجمالي بالنسبة إلى صورة المخالفة القطعية ، ولا يصح بالنسبة إلى

Page 411