399

لا يعلم بتوجه التكليف إليه ، لاحتماله أن كانت الصلاة في الأول محرمة ، فهو لا يعلم بالتكليف في أحد الزمانين.

نعم بعد الزمانين يعلم بحصول المخالفة منه ، فلهذا لا يكون جعل الإباحة في حقه ترخيصا في المخالفة القطعية.

وبالجملة ، هذه مخالفة لم يحصل العلم بها حين الارتكاب ، وإنما يحصل بعده ، والمحذور الترخيص في المخالفة القطعية التي يحصل القطع بها حين الارتكاب.

وجوابه ظهر مما مر في بيان الواجب المشروط من أنه إذا كان الوجوب مشروطا بشرط يعلم بحصوله فيما بعد فهو كالوجوب المطلق ، ولهذا لو توقف إتيان الواجب في المستقبل على مقدمة سابقة عليه فتركها يستحق العقاب لذلك.

والحاصل أن مجرد تدريجية المخالفة بالمعنى المذكور لا يوجب الفرق في حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية أصلا ، وإذن فلو تمكن من الموافقة القطعية وترك المخالفة القطعية كان هو المتعين ، كما في ما لو علم بوجوب إكرام زيد في اليوم أو عمرو فيما بعد ، أو علم بحرمة إكرام زيد في اليوم أو وجوبه في ما بعد ؛ فإنه يأتي بالإكرامين في الزمانين في الأول ويتركه في الزمان الأول ويأتي به في الزمان الثاني في الثاني.

وأما لو لم يتمكن من الموافقة القطعية إلا مقرونة بالمخالفة القطعية ، ومن ترك المخالفة القطعية إلا مقرونا بترك الموافقة القطعية كما في مثال صلاة الجمعة ؛ فإنه كما يحصل بإتيانها في اسبوع وتركها في آخر القطع بالمخالفة ، كذلك يحصل القطع بالموافقة أيضا كما هو واضح ، ولو اختار الفعل فقط في جميع الأسابيع أو الترك كذلك ، فكما لا يحصل إلا الموافقة الاحتمالية ، كذلك لا يحصل إلا المخالفة الاحتمالية ، فيبتني الكلام حينئذ على أنه هل قبح المخالفة القطعية أشد أو قبح ترك الموافقة القطعية؟.

فإن كان الأول لزم رفع اليد من حسن الموافقة القطعية واختيار الفعل أو الترك في جميع الأزمان تخلصا من محذور المخالفة القطعية ، وإن كان الثاني لزم الفعل في

Page 402