389

بالخمرية ؛ فإنها غير قابلة للجعل ، فليست كالحكم القابل له ، ومن المعلوم أن دليل عدم نقض اليقين بالشك إنما يعتبر اليقين والشك فيه في الشبهات الموضوعية في نفس الموضوعات، فمفاده أن العلم بالخلية في السابق لا ينقض إلا بالعلم بالخمرية وقد عرفت أن دليل الأمارة لا يصير سببا للعلم بنفس الخمر وإن كان يصير سببا للعلم بحكمه.

وبالجملة ، فكل ما يختاره هذا المحقق الجليل في ورود الأمارة على الأصل في الشبهة الموضوعية نختاره نحن في هذا الباب أعني قيام الأمارات مقام العلم المأخوذ في الموضوع على نحو الكشف ، ونجيب به عن إشكاله قدسسره ، فبين اختيارية قدسسره في المقامين تهافت وتدافع.

لا يقال : إنه إذا قام الأمارة على خمرية المائع المذكور فقد حصل كلا جزئي الغاية ، أحدهما بالتنزيل والآخر بالوجدان ؛ فإن الغاية لحكم الأصل وعدم نقض اليقين بالخلية السابقة هو شيئان ، خمر وعلم به ، وقبل قيام الأمارة ليس شيء منهما محرزا ، وأما بعده فالخمر يحرز بالتنزيل ، وأما العلم فيحصل حينئذ بالوجدان ؛ إذ بعد قيام الأمارة وإن كان لا يحصل العلم بالخمر الواقعي ، ولكن يحصل العلم بالخمر التعبدي بالوجدان ، فيتحقق الخمر المعلوم الذي هو الغاية والموضوع ، نظير إحراز موضوع الكر الطاهر بإحراز كريته بالوجدان وطهارته بالتنزيل.

لأنا نقول : نعم يمكن إحراز أحد جزئي الموضوع بالتنزيل مع إحراز جزئه الآخر بالوجدان كإحراز جميع أجزائه بالتنزيل ، لكن بشرط أن يكون الجزء المحرز بالوجدان عين ما اخذ في الدليل الأول لا شيئا آخر غيره ، وفي المقام الجزء الوجداني هو العلم بالخمر التعبدي، ولو كان المأخوذ دليل الأصل علما وخمرا منفردين كانا حاصلين ، ولكن من المعلوم أن المأخوذ فيه هو الخمر والعلم بالخمر الواقعي لا مطلق العلم ولو بشيء أجنبي عن الخمر الواقعي وبعد قيام الأمارة وإن كان نفس الخمر محرزا بدليل التنزيل ، ولكن العلم الوجداني غير ما اخذ في غاية حكم الأصل ؛ فإنه علم بالخمر الواقعي ، وهذا علم بالخمر التعبدي ، فالعلم الذي هو الجزء غير محرز لا

Page 392