المرآتي ، والحكم المجعول في هذا النظر لا محالة يكون تمام موضوعه الواقع ؛ لأنه لا يرى إلا إياه.
وإن كان المراد أن ينظر ثانيا إلى حيث طريقية القطع بنظر الاستقلالي فما المراد بالصفتية إن كان المقصود حيث كون القطع صفة نفسانية؟ فهذا جامع لجميع الصفات النفسانية من الحسد والبخل وغيرهما ، فيلزم كونها أيضا موضوعا.
وإن اريد هذه الصفة الخاصة والحالة النفسانية المخصوصة المقابلة لسائر الصفات والحالات النفسانية ، فالخصوصية التي بها تمتاز هذه الصفة عن سائر صفات النفس وتصير مقابلة لها ليس إلا كونه كشفا تاما ، فبالكشف تمتاز عن جميع الصفات غير الظن كالحسد والبخل ونحوهما ؛ حيث لا كشف فيها أصلا ، وبقيد التمام تمتاز عن الظن ؛ حيث إنه وإن كان كشفا لكنه ناقص.
وبالجملة ، فيصير على هذا مرجع الصفتية إلى الطريقية ؛ إذ المنظور في الثانية أيضا هو الكشف التام ، وإلا فإن كان منظورا على نحو المرآتية وبالمعنى الحرفي فقد عرفت أنه يلزم عدم دخله في الموضوع أصلا ، فاللازم هو التزام أن القطع بمعنى الكشف التام الملحوظ بالاستقلال لا يكون إلا ذا حيثية واحدة وليس له حيثيتان حتى يسمى باعتبار إحداهما صفة وبالاخرى طريقا.
وعلى هذا فلا بد من حمل الطريقية والصفتية في كلام شيخنا المرتضى على معنى آخر، بأن يقال : إن جعل معلوم الخمرية موضوعا يتصور على نحوين :
الأول : أن يكون المقصود هو الخمر المفروغ عن خمريته بقيام طريق متبع عليها ، وبعبارة اخرى : الخمر الذي له كاشف وطريق أعم من أن يكون كاشفه وطريقه هو القطع أو طريقا معتبرا آخر ، ووجه تخصيص القطع بالذكر كونه أظهر أفراد الكاشف وأتمها.
والثاني : أن يكون نفس هذه الصفة التي هي الكشف التام بخصوصيته هذه معتبرا ، فعلى هذا لا يقوم طريق آخر مقامه ؛ إذ غاية الأمر إحراز نفس الواقع بقيام طريق آخر بسبب دليل حجيته ، فيبقى خصوص صفة القطع والكشف التام الذي هو
Page 388