مولويته متأثر منه ، فيكون أهلا للمجازاة عليه وإن لم يسبق منه نهي عن هذا العمل.
فتحصل أن قصد المعصية في التجري قبيح عقلي وأن قبحه لتعلقه بحيث مولوية المولى موجب لاستحقاق العقاب ، فلا يكون حراما شرعيا وإن قلنا بالملازمة.
لكن هل يكون استحقاق العقوبة على هذا في المعصية الحقيقية متعددا فيكون العاصي مستحقا لعقوبتين ، إحداهما للقصد الذي هو الفعل القلبي والاخرى لنفس الفعل الخارجي ، أو يكون مستحقا لعقاب واحد لمجرد القصد؟ الظاهر هو الأول ؛ إذ يلزم على الثاني عدم مدخلية الفعل الخارجي في العاصي لاستحقاق عقاب أصلا وأن لا يكون عقاب على فعل خارجي أصلا ، وهو مما لا يمكن الالتزام به ، وإذن فلا مانع من القول باستحقاق العاصي عقابا أشد من عقاب من صدر منه القصد مع الفعل الخارجي المخالف أو مجردا وهما سيان في الاستحقاق ؛ لتساويهما في القصد الذي هو المنشأ له ، والعفو في القسم الثاني لا ينافي مع الاستحقاق ؛ فإن العفو ورفع فعلية العقاب لا ينافي الاستحقاق كما هو واضح.
بقي الكلام في الدليل العقلي الذي أقاموه على استحقاق المتجري على الفعل الخارجي كالعاصي ، وهو أنه لو فرضنا شخصين كل منهما شرب مائعا يعتقد هو بخمريته واتفق مصادفة أحدهما للواقع ومخالفة الآخر فإما نقول باستحقاق كليهما ، أو بعدم استحقاق كليهما ، أو باستحقاق من خالف اعتقاده الواقع دون من صادف ، أو باستحقاق من صادف دون من خالف ، فهذه أربعة وجوه.
لا سبيل إلى عدم استحقاق كليهما ، ولا إلى استحقاق من خالف دون من صادف ؛ لمخالفة كليهما مع الوجدان والقطع بخلافهما ، وأما استحقاق من صادف دون من خالف فهو مستلزم لإناطة الاستحقاق وعدمه على أمر خارج عن قدرة المكلف ؛ فإن المصادفة والمخالفة كليهما خارج عن الاختيار ، فيتعين استحقاق كليهما وهو المطلوب.
والجواب أنا نختار استحقاق من صادف دون من خالف ، قولك : يلزم إناطة الاستحقاق بأمر غير اختياري مدفوع بأن صحة العقوبة لا ينفك عن الإناطة بأمر
Page 384