354

لأنا نقول : الطرق والقواعد متعرضة للحكم المعلق على عنوان يشترك فيه المقلد والمجتهد ، مثلا لسان الأمارة تحقق حكمها في حق جميع المكلفين من العالم والجاهل وكذا الاصول ، ففي الاستصحاب مثلا الحالة السابقة المعلومة شاملة للجميع من دون اختصاص حكمها بأحد ، ومفاد الاستصحاب ليس إلا إبقاء عين هذا الحكم الثابت في السابق في حق الجميع في اللاحق ، والمخاطب بهذا الإبقاء وإن كان ليس إلا طائفة واحدة ، إلا أن ما يستصحبه هذه الطائفة الواحدة حكم الجميع.

وبعبارة اخرى : إذا استنبط المجتهد من الأدلة وجوب صلاة الجمعة مثلا فهو بحسب نظره يعتقد مشروعية هذا الحكم في حقه وحق جميع من عداه من المكلفين حتى المجتهدين ، ويرى أن التكليف الواقعي الأولي في حق الجميع وجوب الجمعة ، غاية الأمر أن نظره هذا ليس متبعا لغيره من المجتهدين ؛ لعدم كونه طريقا لهم إلى الواقع ، واللازم بالنسبة إلى من يجب عليه اتباع نظره من المقلدين متابعته والعمل على طبق نظره ، فعلم أنه لا منافاة بين اختصاص الخطاب بالعمل على طبق الاصول والأمارات بالمجتهد ووجوب متابعة المقلد إياه لعموم مداليلها للمقلد أيضا ، وهذا بخلاف مثل منصب القضاء والإفتاء وحفظ مال الغائب؛ فإن دليلها غير متعرض لحكم شخص آخر وراء المجتهد ، بل مفاده جعل ذلك وظيفة لشخص المجتهد من دون شركة الغير له.

قلت : ليس مفاد أدلة حجية الأمارات والاصول إلا العمل على طبق مداليلها ، فمفاد «صدق العادل» لزوم العمل على طبق مقول قوله ، وكذا «ابن على الحالة السابقة» مفاده البناء في مقام العمل على السابق ، ومن الواضح أن العمل غير مختص ببعض دون بعض والكل قادر عليه ، فالعمل على طبق قول الزرارة مثلا في قوله : قال الصادق : صل الجمعة كما هو مطلوب من المجتهد كذلك يكون مطلوبا من المقلد أيضا بلا فرق ، وكذا «لا تنقض اليقين بالشك» كما أنه خطاب إلى المجتهد يكون خطابا إلى المقلد أيضا.

حتى أن الرجوع إلى الأعدل عند التعارض أيضا خطاب عام ؛ إذ مرجعه إلى

Page 357