280

البراءة ؛ لإجمال الدليل بلا إشكال ، ففي صورة وجود العام يرجع إلى عمومه ، بل يرفع بسببه الإجمال عن الخاص ؛ لكونه دليلا اجتهاديا فمثبته أيضا حجة ، فيقال : إن مرتكب الصغيرة يجب إكرامه بمقتضى عموم العام ، وكل فاسق يحرم إكرامه بمقتضى دلالة الخاص ، فينتج أن مرتكب الصغيرة ليس بفاسق ، فيتبين بذلك مفهوم الفاسق وأنه خصوص من ارتكب الكبيرة.

وهذا بخلاف ما إذا كان المخصص متصلا ، فإن الكلام حينئذ واحد وعلى المخاطب أن يصبر إلى أن يأتي تمام أجزاء الكلام ولواحقه ثم ينظر أن المستفاد من مجموع الصدر والذيل ما ذا فيحكم بأن هذا المستفاد هو ظاهر القضية ، فإذا قال : أكرم العلماء فليس للمخاطب أن يحكم بمجرد سماع هذا أن المراد عموم العلماء ، نعم يكون له حينئذ ظهور بدوي في العموم كظهور لفظ الأسد بدوا في الحيوان المفترس ، ولكنه ليس ظهورا مستقرا معتدا به إلا بعد مجيء تتمة الكلام ، فإن لم يكن في التتمة قرينة على خلاف هذا الظاهر البدوي صار مستقرا وإلا استقر الظهور على الخلاف ، كما في رأيت أسدا يرمي ، ولازم هذا أنه إذا كان في التتمة لفظ مجمل كقوله : إلا الفساق منهم كان الإجمال ساريا إلى عموم العام أيضا.

هذا تقريب مرامهم قدسسرهم (1)، والإنصاف أنه لم يحصل الجزم به إلى الآن و

Page 283