الغاية ، فإنه في الأول هو الاستصحاب عند من يجوز استصحاب الكلي في القسم الثالث ، أعني ما إذا كان زوال فرد من الكلي مقطوعا بعد العلم بوجوده ، ولكن احتمل حدوث فرد آخر من هذا الكلي مقارنا لزوال الفرد الأول ؛ إذ في هذه الصورة أيضا يقطع بزوال وجوب الجلوس مثلا عند الزوال بعد العلم بثبوته قبله ولكن يحتمل حدوث شخص آخر من وجوبه بعد الزوال متصلا بالشخص الأول ، فيجرى الاستصحاب بالنسبة إلى أصل الوجوب ،
وهذا بخلاف الصورة الثانية ؛ فإن الشك فيها ليس في بقاء الحكم المتعلق بموضوع واحد ، بل في حدوث الحكم المتعلق بموضوع آخر ، مثلا نشك في حدوث الوجوب المتعلق بالجلوس من الزوال إلى الغروب بعد العلم بزوال الوجوب المتعلق بالجلوس من الصبح إلى الزوال ، فيكون مجرى للبراءة دون الاستصحاب ؛ لاختلاف الموضوع.
بقي الكلام في النزاع الآخر في هذا الباب في أن الغاية داخلة في المغيا أو خارجة عنه؟ فنقول : قد يكون النزاع بعد تسليم أن مفاد كلمتى «إلى» و «حتى» ونحوهما هو الغاية العقلية في أن الغاية العقلية داخلة في المغيا أو خارجة؟ وقد يكون بعد تسليم أن الغاية العقلية خارجة في أن مفاد الكلمتين هل هو الانتهاء الداخل أو الخارج.
والظاهر أن النزاع هنا ليس على الوجه الأول ، وذلك لأن الغاية العقلية عبارة عن حد الشيء وطرفه ، والحد والطرف أمر عدمي خارج من الشيء ؛ لأنه عبارة عن نفاد الشيء وتماميته كما هو الحال في البداية العقلية ، فالخط الفرضي الممتد بقدر امتداد الشيء، النقطة الموهومة المتصلة به من طرف أول الشيء هو البداية ، كما أن النقطة الموهومة المتصلة به من طرف آخره هي النهاية ، ولهذا لم يعهد منهم مثل هذا النزاع في كلمة «من» ونظائرها مع أنه لو كان النزاع هنا على الوجه الأول لوجب أن يجري مثله في كلمة «من» بعد تسليم دلالتها على البداية العقلية ، فيكون النزاع هنا على الوجه الثاني.
Page 270