247

مالك يكون مجيزا ، كما أنه قد يريد شيئا بالإرادة التشريعية ومن حيث إنه شارع ، ويريد خلافه بالإرادة التكوينية ومن حيث إنه خالق ، ولهذا يوجد أسباب خلافه ومقدماته.

والثاني : أن النهي في المعاملة وإن قلنا بعدم ملازمته للفساد عقلا هل هو ملازم له شرعا أولا؟ فنقول : يمكن الاستدلال على الملازمة شرعا بعموم التعليل الواقع في خبر تزويج العبد بغير إذن سيده المروي في الكافي والفقيه عن زرارة عن الباقر عليه السلام «سأله عن مملوك تزوج بغير إذن سيده؟ فقال : ذلك إلى سيده إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما ، قلت : أصلحك الله تعالى إن حكم بن عتبة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إن أصل النكاح فاسد ولا يحل إجازة السيد له؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : إنه لم يعص الله ، إنما عصى سيده ، فإذا أجاز فهو له جائز».

فإن ظاهر الفقرة الأخيرة أن كل معاملة كانت معصية لله ومخالفة للنهي التكليفي بعنوانه الأولي فهي غير قابلة للصحة ، وتزويج العبد وإن كان محرما لكونه معصية السيد ، إلا أن الحرمة متعلقة بعنوان مخالفة السيد لا بعنوان التزويج.

فإن قلت : المراد بالمعصية المنفية مخالفة النهي الوضعي دون التكليفي ؛ إذ المراد بمعصية السيد بقرينة الصدر هو مجرد الفعل بدون رضاه وإذنه وإمضائه ، فيكون المراد بالمعصية المنفية أيضا بقرينة السياق هو مجرد الفعل الذي لم يمضه الله ولم يشرعه بل نهى عنه وضعيا ، بمعنى فقدانه شرطا شرعيا ، وهذا لا كلام في فساده.

قلت : حمل المعصية على مخالفة النهي الوضعي خلاف الظاهر في الغاية ، بل الظاهر منها مخالفة النهي التحريمي ، وأما عدم الإذن الواقع في صدر الرواية فمحمول على الكراهة وإطلاقه عليها شايع في العرف ، ألا ترى أنه يقال : فلان غير راض بكذا فيما إذا كان كارها له ، مع أن عدم الرضى أعم بحسب اللغة من الكراهة ، وبالجملة ، فإبقاء المعصية على ظاهرها ورفع اليد عن ظهور عدم الإذن فيما هو أعم من الكراهة أولى من العكس ؛ لأقوائية ظهور الأول من الثاني ، فيتم بذلك الاستدلال بالرواية على المطلوب.

Page 250