شرب الدواء ، وهذا بخلاف المطلق الواقع في حيز النفي أو النهي ، فإنه يكتفي في إسراء حكمه إلى تمام الأفراد بمجرد الدلالة الوضعية من دون حاجة إلى مقدمات الحكمة ؛ فإن الظاهر من قولك : لا رجل «مثلا» تعلق النفي بما هو مفاد لفظ الرجل وضعا من الطبيعة المهملة ، ولازمه عقلا انتفاء تمام الأفراد ؛ إذ عدم الكلي إنما يكون بعدم كل ما له من الأفراد؛ فإن الطبيعة لأجل إضافة الوجودات المتعددة إليها لا يضاف إليها إلا عدم واحد وهو عدم تمام تلك الوجودات ، وكذا الكلام في النهي.
ونظير هذه الخدشة مع جوابها يجري في لفظة «كل» مع مدخولها ؛ فإنه ربما يقال بأن هذه اللفظة وإن كانت موضوعة لاستيعاب جميع الأفراد ، إلا أنها سعة وضيقا تابعة لمدخولها ، فإن كان مطلقا كانت لاستيعاب أفراد المطلق ، وإن كان مقيدا كانت لاستيعاب أفراد المقيد ، ومن الواضح أن إثبات إرادة الإطلاق من المدخول يحتاج إلى مقدمات الحكمة ، فدلالة هذه اللفظة على استيعاب أفراد الطبيعة أيضا يحتاج إليها.
والجواب أن هذه اللفظة موضوعة لاستيعاب كل ما لمدخوله من الأفراد ، والطبيعة المهملة حاوية لأفراد الطبيعة المطلقة ، ومع ذلك لا يلزم التجوز في قولك : كل رجل عالم ؛ لما عرفت من كونها موضوعة لاستيعاب ما يكون لمدخوله من الأفراد ، كما لا يلزم التجوز في النهي فيما لو جعل متعلقا بالغصب الخاص ، والحاصل أن هذه اللفظة وأداة النفي والنهي يكون بمنزلة مقدمات الحكمة في إعطاء وصف الإطلاق للطبيعة المهملة.
ومنها : أن مراعاة جانب الأمر جلب للمنفعة ومراعاة جانب النهي دفع للمفسدة ، ودفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.
وأورد عليه في القوانين بأنه لا فرق في ثبوت المفسدة بين الطرفين ؛ إذ في ترك الواجب أيضا مفسدة.
وأورد عليه في الكفاية بأن الواجب لا بد وأن يكون في فعله مصلحة لا أن يكون في تركه مفسدة ، كما أن الحرام لا بد وأن يكون في فعله مفسدة لا في تركه مصلحة.
وفيه أنا لا نعني بكون الشيء حسنا وذا مصلحة وكونه قبيحا وذا مفسدة إلا
Page 222