Ijābat al-sāʾil sharḥ bughyat al-ʾāmil (uṣūl fiqh)
إجابة السائل شرح بغية الآمل (أصول فقه)
Editor
القاضي حسين بن أحمد السياغي - الدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition
الثانية
Publication Year
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
Publisher Location
بيروت
Genres
Jurisprudence
الْمسَائِل القطعية ثمَّ قَالَ هَا هُنَا إِنَّه من الْأَدِلَّة الظنية إِلَّا أَنه لما تدافع كَلَام الأَصْل أَشَرنَا بقولنَا عِنْد مثبتيه فَإِنَّهُ إِشَارَة إِلَى أَن من النَّاس من يَنْفِيه ونفيه إِنَّمَا يكون فِي الْمسَائِل الاجتهادية والقطعية فَإِنَّهُ اتِّفَاق كَمَا عرفت فقولنا وَهُوَ من الْأَدِلَّة الظنية أَي السكوتي الَّذِي فِيهِ الْخلاف إِثْبَاتًا ونفيا وَلَيْسَ إِلَّا مَا فِي الْمسَائِل الاجتهادية وَالْحَاصِل أَن السكوتي مَعَ حُصُول شَرَائِطه يكون إِجْمَاعًا فِي الْمسَائِل القطعية بِلَا خلاف وَأما فِي الاجتهادية فَهُوَ دَلِيل ظَنِّي عِنْد المثبتين لَهُ وَلَك أَن تَقول إِن الحكم يكون من الْأَدِلَّة الظنية لَا يُنَافِي كَون الْكَلَام أَي كَلَام الأَصْل فِيهِ بِالنّظرِ إِلَى الْمسَائِل القطعية فَإِن استفادة الْقطع من أُمُور خَارِجَة وَهِي وُقُوعه فِيهَا لَا لذاته وَفِي هَذَا دفع لما يُقَال كَيفَ يَصح إِثْبَات الْمسَائِل القطعية فِي السُّكُوت وَهُوَ ظَنِّي فَإِنَّهُ إِذا وَقع فِيهَا كَانَ قَطْعِيا بقرائن الْمقَام
وأجمعت أَصْحَابه من بعده
على خطا من مَال بعد عقده ... وَمثلهمْ لَا يجمعُونَ إِلَّا
عَن قَاطع فِي مثله قد دلا
هَذَا دَلِيل ثَان بعد الْأَدِلَّة السمعية السَّابِقَة على حجية الْإِجْمَاع وَهُوَ كَمَا فِي النّظم إِن الصَّحَابَة قد أَجمعُوا على الْقطع بتخطئة الْمُخَالف وَالْعَادَة قاضية بِأَنَّهُم لَا يجمعُونَ إِلَّا على دَلِيل قَاطع وَذَلِكَ لما لَهُم من الصِّفَات الحميدة وتزكية رَسُول الله ﷺ لَهُم بِأَنَّهُم خير الْقُرُون وثناء الله عَلَيْهِم فِي الْقُرْآن بِمثل ﴿كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس﴾ و﴿مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم﴾ الْآيَة فَلِذَا قَالَ وَمثلهمْ أَي من كَانَ بِتِلْكَ الصِّفَات وَلَيْسَ إِلَّا هم وَبِه يعرف أَنه لَا يرد إِجْمَاع الْيَهُود على عدم نسخ شَرِيعَة مُوسَى وَإِجْمَاع النَّصَارَى على قتل عِيسَى وَذَلِكَ أَنه قد أبان الله حَقِيقَة حَالهم وباطن أَمرهم وَمَا هم عَلَيْهِ من التحريف والتبديل وَالْكذب وَغَيرهَا من الصِّفَات القاضية بِبُطْلَان إِجْمَاعهم وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّمَا يرد نقضا إِذا وجد فِيهِ مَا ذكرنَا من الْقُيُود وانتفاؤه ظَاهر وَقَوله فِي مثله أَي مثل الحكم بخطأ من خَالف الْإِجْمَاع بعد انْعِقَاده من
1 / 165