149

Uṣūl al-dīn ʿinda al-Imām Abī Ḥanīfa

أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة

Publisher

دار الصميعي

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

واحدة لأنهم أدركوا زمان الوحي وشرف الصحبة" ١.
وربما يحصل بينهم الاختلاف في بعض مسائل الأحكام خلافا لا يوجب الفرقة والتفسيق أو التكفير، بل هو اجتهاد منهم في فهم النص، فالمصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر واحد.
قال ابن القيم: "وقد تنازع الصحابة ﵃ في كثير من مسائل الأحكام، وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال"٢.
وهذا هو حال من هم من غير الصحابة من المسلمين؛ فكانوا متفقين في خلافة أبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان لا تنازع بينهم إلى أن قام أهل الفتنة ٣ والضلال والبغي بقتل عثمان ﵁، فتفرق المسلمون بعد ذلك. وأول فرقة فارقت جماعة المسلمين وخرجت على أمير المؤمنين علي ﵁، هي الخوارج فتبرأت من إمام المسلمين، وكفرته ومن معه من المسلمين، ومعاوية ومن معه، فعند ذلك ظهرت الشيعة تؤيد عليا وتنصره. ثم توالى بعد ذلك ظهور البدع، فحدثت في آخر عصر الصحابة بدعتا القدرية والمرجئة، ثم في أواخر الدولة الأموية ظهرت الجهمية ثم المعتزلة.
ويتطلب الحديث عن عقيدة الإمام أبي حنيفة إلمامة موجزة بالفرق والنحل التي في عصره لنعرف مدى تأثره بها أو مخالفته لها.
١- الخوارج
عرفنا أن الخوارج هم فئة خرجت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ فكفروا المسلمين بفعل كبائر الذنوب، واستحلوا

١ مفتاح السعادة ٢/١٤٣ ط/دار الكتب العلمية.
٢ أعلام الموقعين ١/٤٩.
٣ انظر منهاج السنة ٦/٢٣١.

1 / 169