162

Uncovering the Covered Meanings and Expressions in Al-Muwatta

كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا

Investigator

طه بن علي بوسريح التونسي

Publisher

دار سحنون للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٨ هـ

Publisher Location

دار السلام للطباعة والنشر

Genres

محمد بن أبي زيد كلبًا في داره بالقيروان مدة الخوف. وقوله: «إنما يذر شهوته» إلخ، هو ممَّا يرويه رسول الله ﷺ عن ربه تعالى كما هو صريح في رواية أبي صالح الزيات عن أبي هريرة في «صحيح البخاري»، فيكون في الكلام قول محذوف دلَّ عليه قوله: «عند الله»؛ لأن ذلك لا يعلم إلا بإعلام الله تعالى رسوله ﷺ، فهو على حد قوله تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: ٥] الآية. ويحتمل أنَّ أبا هريرة جمع في تحديثه كلامينْ سمعهما من رسول الله ﷺ متفرقين فحدَّث بهما جميعًا فإنَّه قد جمع في رواية أبي صالح الزيات عنه بين بعض ﷺ هذا الحديث وبين الحديث المتقدم قبل هذا، وفرَّق هذا الحديث وزاد حديث «للصائم فرحتان» كلُّ ذلك في تحديث واحد، وحذف قوله: «إنَّما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلي». وعلى ظاهر هذه الرواية التي هي أصحُّ من رواية أبي صالح الزيات؛ لأنَّ الأعرج أثبت في أبي هريرة من أبي صالح الزيات تكون جملة «إنَّما يذر شهوته» واقعة موقع الاستئناف البياني بتقدير سؤال سائل عن سبب جعل «خُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك». ومعنى قوله: «إنَّما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلي» إثبات بالصيام من بين سائر العبادات؛ لأن قوام ماهية الصلاة والحج والزكاة قوام وجودي بإتيان أفعال تشتمل على ما فيه حظ للمتعبد بها من دعاء وتبرُّك بشعائر الحج، ورجاء نماء المال وبركته بالزكاة، وما فيها من ترك الشهوات أمر عارض بسبب الاشتغال بها. وأمَّا الصيام فقوامه ماهيته عدمي؛ إذ هو ترك الشهوات لا غير وليس للصائم فيه حظٌّ إلاَّ أنَّه أمر فامتثل، فظهر الفرق بينه وبين بقية العبادات وإن كان جميعها لله إخلاصًا له. وقد خفي هذا عن الناظرين؛ وظهر بذلك موقع التفريع في قوله: «فالصيام لي» ظهورًا لا خفاء معه.

1 / 174