76

unavailable

كشف شبهات الصوفية

Publisher

مكتبة دار العلوم

Publisher Location

البحيرة (مصر)

Genres

وفي هذا الحديث: أولا: التوسل بدعاء العباس ﵁ لا بذاته كما بينه الزبير بن بكار وغيره، وفي هذا رد واضح على الذين يزعمون أن توسل عمر كان بذات العباس لا بدعائه، إذ لو كان الأمر كذلك لما كان ثمة حاجة ليقوم العباس، فيدعو بعد عمر دعاءً جديدًا. ثانيًا: أن عمر صرح بأنهم كانوا يتوسلون بنبينا ﵌ في حياته، وأنه في هذه الحادثة توسل بعمه العباس، ومما لا شك فيه أن التوسليْن من نوع واحد: توسلهم بالرسول ﵌ وتوسلهم بالعباس، وإذ تبين للقارىء أن توسلهم به ﵌ إنما كان توسلًا بدعائه ﵌ فتكون النتيجة أن توسلهم بالعباس إنما هو توسل بدعائه أيضًا، بضرورة أن التوسليْن من نوع واحد. أما أن توسلهم به ﵌ إنما كان توسلًا بدعائه، فالدليل على ذلك صريح رواية الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح لهذا الحديث بلفظ: (كانوا إذ قحطوا على عهد النبي ﵌ استسقوا به، فيستسقي لهم، فيسقون، فلما كان في إمارة عمر ...) فذكر الحديث، (انظر الفتح) (٢/ ٣٩٩»، فقوله: (فيستسقي لهم) صريح في أنه ﵌ كان يطلب لهم السقيا من الله تعالى ففي (النهاية) لابن الأثير: (الاستسقاء، استفعال من طلب السقيا أي إنزال الغيث على البلاد والعباد، يقال: سقى الله عباده الغيث وأسقاهم، والاسم السقيا بالضم، واستقيت فلانًا إذا طلبت منه أن يسقيك). إذا تبين هذا، فقوله في هذه الرواية (استسقوا به) أي بدعائه، وكذلك قوله في الرواية الأولى: (كنا نتوسل إليك بنبينا)، أي بدعائه، لا يمكن أن يفهم من مجموع رواية الحديث إلا هذا. ثالثًا: لو كان توسل عمر إنما هو بذات العباس أو جاهه عند الله تعالى، لما ترك التوسل به ﵌ بهذا المعنى، لأن هذا ممكن لو كان مشروعًا، فعدول عمر عن هذه إلى التوسل بدعاء العباس ﵁ أكبر دليل على أن عمر والصحابة الذين كانوا معه كانوا لا يرون التوسل بذاته ﵌، وعلى هذا جرى عمل السلف من بعدهم، كما في توسل معاوية بن

1 / 85