Umam Muttahida Muqaddima Qasira
الأمم المتحدة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
5
في الوقت ذاته، بينما ظهر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بوصفه ذراع التنمية التابع للأمم المتحدة، تحول دور اليونيسيف من وكالة للطوارئ متوسطة الأمد إلى وكالة إنمائية طويلة الأمد. وفي حين ظلت اليونيسيف تفي بالاحتياجات الطارئة للأطفال العالقين في مناطق الصراع أو الذين تسببت الكوارث الطبيعية في تشريدهم، فإنها تحركت بالمثل في اتجاه نافع طويل الأمد. فلرفع معايير التغذية للأطفال، ساعدت اليونيسيف الدول على إنتاج وتوزيع أغذية قليلة التكلفة عالية المحتوى البروتيني، ورعت برامج لتثقيف الناس باستخدامها. ولتوفير الرفاهية الاجتماعية للأطفال، قدمت اليونيسيف تدريبا غير رسمي للأمهات في كل من تنشئة الأطفال وتحسين أحوال المنازل، وساعدت على تقديم الخدمات للأطفال من خلال توفير مراكز الرعاية النهارية والجيرة والاستشارات الأسرية ومراكز الشباب.
في العقود اللاحقة، وسعت اليونيسيف سياستها أكثر من خلال تبني ما يسمى بالنهج القطري. كان هذا يعني ربط المساعدات المقدمة للأطفال بتنمية الدولة (المستقلة حديثا في أغلب الحالات)؛ من ثم صارت اليونيسيف معنية بالاحتياجات الفكرية والنفسية والمهنية للأطفال إلى جانب احتياجاتهم البدنية. كان هذا يعني أن اليونيسيف بدأت في تقديم العون لإعداد المعلمين وإصلاح المناهج في الدول النامية، بالإضافة إلى أشياء أخرى. باختصار، ربما أسست اليونيسيف كوكالة معنية بالوفاء بالاحتياجات الملحة للأطفال المكروبين، لكن على مر السنين، توسعت مهمتها - التي تعكس التغيرات في تركيبة الأمم المتحدة ذاتها - وارتبطت بخطة التنمية الأوسع للمنظمة العالمية.
في القرن الحادي والعشرين تظل اليونيسيف أكثر وكالات الأمم المتحدة تفضيلا في نظر أغلب البشر. لدى المنظمة مكاتب في أكثر من 120 دولة وأطقم عمل ميدانية تعمل في أكثر من 150 دولة، ويصل حجم إنفاقها إلى قرابة 1,6 مليار دولار، ممولة من الإسهامات الطوعية. ومن بين الصناديق الخاصة والبرامج والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، لا يفوق اليونيسيف في الميزانية سوى البرنامج العالمي للأغذية؛ الذي كثيرا ما يعمل بالشراكة مع اليونيسيف.
مع أنه من العسير تقييم الأثر الدقيق لبرامج اليونيسيف المتعددة على الدول النامية، فإنه يمكن القول إن هذه المنظمة ساعدت ملايين الأطفال على النمو بصحة أكبر وفي أمان أكبر وعلى تلقي تعليم أفضل؛ على سبيل المثال: في السنوات الخمس والعشرين الأولى من عمر اليونيسيف، طعمت المنظمة أربعمائة مليون طفل ضد مرض السل، وساعدت على إنشاء 12 ألف مركز صحي ريفي، وعدة آلاف من عنابر الولادة في خمس وثمانين دولة، ووفرت المعدات من أجل 2500 مدرسة لإعداد المعلمين و56 ألف مدرسة ابتدائية وثانوية، ووفرت مليارات الوجبات التكميلية. وفي عام 1965 فازت اليونيسيف - عن جدارة - بجائزة نوبل للسلام؛ لإحداثها فارقا إيجابيا في حياة ملايين الأطفال. (7) دفع ثمن التنمية (أو عدم دفعه)
لطالما مثل المال - من أين يأتي أو إلى أين يذهب - قضية خلافية في سياسة الأمم المتحدة للتنمية. ومع هذا، منذ أواخر الستينيات وهناك إجماع مثير للدهشة للآراء بخصوص المقدار الذي على الدول الغنية أن تخصصه لمساعدة الدول الأفقر: ما لا يقل عن 0,7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لها. لكن للأسف، كان هناك عجز شبه تام عن الوفاء بهذا الهدف.
هذا الرقم مبني على تقرير أمر بإعداده رئيس البنك الدولي (ووزير الدفاع الأمريكي الأسبق) روبرت ماكنمارا في عام 1968، في أول عام شهد فعليا انخفاضا في المساعدات الإنمائية. ترأس «لجنة التنمية الدولية» رئيس الوزراء الكندي السابق ليستر بيرسون، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عن دوره في إنشاء أول قوة حفظ سلام كبرى في أعقاب حرب السويس عام 1956. اشتملت لجنة بيرسون على سبعة أعضاء آخرين جميعهم - باستثناء مندوب البرازيل - جاءوا من دول العالم المتقدم. وقد قدمت اللجنة تقريرها النهائي (بعنوان «شركاء في التنمية») في 15 سبتمبر عام 1969.
كانت النقطة الأساسية بالتقرير هي أن «التدفق المتزايد للمساعدات سيكون مطلوبا إذا ما استهدفت معظم الدول النامية تحقيق النمو ذاتي الاستدامة بحلول نهاية القرن». حدد تقرير بيرسون هدفين للدول المتبرعة: مع أن المساعدة الإنمائية الرسمية ينبغي أن تكون 0,7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، فإن المساعدة الإجمالية (بما في ذلك الموارد الخاصة) ينبغي أن تصل إلى نسبة 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكان التاريخ المستهدف لتحقيق هذه النسبة الخاصة بالمساعدة الإنمائية الرسمية/الناتج المحلي الإجمالي هو عام 1975.
بعدها بثلاثة عقود، وبالرغم من الاتفاقات والالتزامات المتكررة - التي عادة ما تجرى خلال القمم العالمية التي تنظمها الأمم المتحدة أو إحدى وكالاتها - فإن خمس دول فقط هي التي أوفت بهذا الهدف المتواضع فيما يبدو، لكن بصرف النظر عن المقدار الذي تنفقه هذه الدول الصغيرة الغنية - وهي الدنمارك ولكسمبورج وهولندا والنرويج والسويد - على المساعدة الإنمائية الرسمية، فإن إسهاماتها النسبية ستظل دوما متواضعة. في واقع الأمر، تظل الولايات المتحدة أكبر دولة مانحة للتبرعات، تليها اليابان، ثم المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا. والجدير بالملاحظة أنه من بين الدول الخمس الأعلى إسهاما، فإن المملكة المتحدة هي الدولة الوحيدة التي ارتفعت نسبة إسهاماتها في المساعدة الإنمائية الرسمية/الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 1990 و2004. وتصل النسبة الإجمالية للمساعدة الإنمائية الرسمية/الناتج المحلي الإجمالي للدول الاثنتين والعشرين الأغنى على مستوى العالم إلى 0,33 بالمائة في عام 2005؛ أي أقل من نصف الهدف الذي وضعه بيرسون وزملاؤه ليتحقق في عام 1975.
جدير بالذكر أنه من ناحية القيمة النقدية الفعلية زادت المساعدات الإنمائية زيادة كبيرة: إذ زادت من 7 مليارات دولار في أواخر ستينيات القرن العشرين إلى 106 مليارات دولار في عام 2005. لكن مع الوضع في الاعتبار الزيادة المهولة في الدخل العالمي وحقيقة أن المساهمين الرئيسيين كانوا دول العالم المتقدم، نجد أن نسبة ما تنفقه هذه الدول فعليا على المساعدات الإنمائية قد تناقص .
Unknown page