Umam Muttahida Muqaddima Qasira
الأمم المتحدة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
كانت هذه فكرة رائعة، وقد عكست حقيقة أنه في الألفية الجديدة باتت عمليات حفظ السلام التقليدية، المشابهة لما حدث في السويس بعد عام 1956، عتيقة الطراز، وأن إنفاذ السلام لم يعد ممكنا إلا تحت ظروف معينة؛ حين لا توجد معارضة لمثل هذا الجهد من جانب الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن. وقد أوضح غزو العراق في عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة بشكل أكبر عجز الأمم المتحدة عن منع قوة عظمى مثل الولايات المتحدة من استخدام قوتها العسكرية لأغراض تدميرية دون الحصول على مباركة الأمم المتحدة؛ ومع ذلك بينت نتائج حرب العراق الدور المحوري الذي يمكن للأمم المتحدة أن تلعبه في بيئة ما بعد الصراع. كان الهدف من عمليات حفظ السلام التقليدية توفير الوقت للدبلوماسية الدولية وحل الصراع، لكن دور قوات بناء السلام التابعة للأمم المتحدة هو توفير الوقت للفترات الانتقالية التي تبعت العديد من صراعات القرن الحادي والعشرين الداخلية في العالم.
إن تأسيس لجنة بناء السلام يعد خطوة حميدة نحو التماس طريق أكثر دقة ومرونة لمواجهة مستقبل أكثر مناطق العالم اضطرابا، ومع ذلك ستعجز اللجنة وحدها عن تحقيق الكثير؛ فهي هيئة استشارية تتكون من واحد وثلاثين مندوبا عن الدول الأعضاء بالأمم المتحدة (بما فيها القوى العظمى الخمس). وكما يعلن موقع اللجنة الإلكتروني فإن «سلطتها ستأتي من جودة نصائحها وثقل أعضائها».
5
وبعبارة أخرى، هي تعمل باتفاق الآراء، ولن يمكنها عمل الكثير بخلاف تقديم النصح؛ فهي ليست حلا سحريا.
إذا كان من درس يمكن تعلمه من هذا التطور الأخير، فهو حقيقة أن هناك حاجة مستمرة للإجراءات التي تتجاوز مجرد منع الجانبين المتناحرين من الهجوم أحدهما على الآخر. ربما كان «حفظ» السلام هو الهدف الذي طمحت أولى عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة إلى تحقيقه، بيد أن التحدي الأشق بكثير هو «بناء» السلام. ولتحقيق ذلك، على لجنة بناء السلام أن «تجمع القدرات والخبرات المترامية للأمم المتحدة في منع الصراع والوساطة وحفظ السلام واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والمساعدة الإنسانية وإعادة البناء والتنمية طويلة الأمد».
وبناء عليه يكون بناء السلام ممارسة شاملة تقر بكل من أهمية الدور الاقتصادي للأمم المتحدة وأيضا مساهمات المنظمات الإنسانية المعروفة العديدة التي تشكل «الجانب الناعم» للأمم المتحدة.
الفصل الخامس
من التنمية الاقتصادية إلى التنمية البشرية
أقام ميثاق الأمم المتحدة رابطا بين الأمن الدولي والفقر في العالم. فقد آمن مؤسسو الأمم المتحدة بأن الحرب العالمية الثانية جاءت نتاجا للكساد العظيم الذي ضرب العالم في ثلاثينيات القرن العشرين. وبعبارة أخرى، إن الاضطراب الاقتصادي تحول إلى اضطراب سياسي، مهد بدوره الطريق لاعتلاء النازي السلطة في ألمانيا. وأحد الأهداف المحورية للأمم المتحدة كان منع أي اختلال اقتصادي مشابه وما يتمخض عنه من تداعيات سياسية. وقد أمل المؤسسون - أو على الأقل بعضهم - في منع الانهيار الاقتصادي والحرب والثورة بواسطة جرعة من الإصلاحات الاجتماعية الديمقراطية والتنسيق السياسي بين الحكومات.
لكن في الوقت الذي يتحدث فيه ميثاق الأمم المتحدة عن تعزيز «مستويات معيشية أعلى» وخلق «ظروف للتقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية»، لم يكن ثمة اتفاق قط حول «الكيفية» التي ينبغي تحقيق هذه الأهداف من خلالها. فخلال السنوات القليلة التالية للحرب، كان الموضوع الرئيسي على جدول الأعمال هو تعافي أوروبا الغربية واليابان. وفي الخمسينيات والستينيات أدت عملية إنهاء الاستعمار وظهور ما سمي بالعالم الثالث إلى تحويل التركيز نحو قضايا عدم المساواة العالمية. ومع أن العلاقات الدولية خضعت للصراع بين الشرق والغرب، فإن الانقسام الدائم بين الشمال والجنوب ألقى بظلاله على جهود الأمم المتحدة في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.
Unknown page