Umam Muttahida Muqaddima Qasira
الأمم المتحدة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
في اجتماع مجلس الأمن في الحادي والثلاثين من يناير عام 1992، في أول اجتماع للمجلس على مستوى رؤساء الدول، اعتمدت ورقة العمل التي تقدم بها بطرس بطرس غالي - الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة - بعنوان «خطة للسلام »، التي قدمت تحليلا وتوصيات على طريق تقوية وتحسين قدرة الأمم المتحدة على الحفاظ على السلام العالمي.
حددت «خطة للسلام» أربع مراحل متتابعة من العمل الدولي لمنع الصراعات أو السيطرة عليها، وهي: الدبلوماسية الوقائية، وصنع السلام، وحفظ السلام، وبناء السلام (والمقصود به تحديد ودعم البنى القومية التي ستساعد على تقوية السلام وترسيخه من أجل تجنب النكوص إلى الصراع).
عكست الورقة تطلعا واسعا لدور الأمم المتحدة في عالم ما بعد الحرب الباردة، وتحديدا في نطاق حفظ السلام؛ فبدلا من الفصل بين جيوش الدول المتصارعة كما كان الحال خلال حقبة الحرب الباردة، زاد في التسعينيات استخدام عمليات حفظ السلام في مواقف الصراع الداخلي، الذي تضمن قوات غير حكومية وقوات متمردين (عادة ما تطلق على نفسها «حركات التحرر الوطني»). وباتت الأدوار التي على قوات حفظ السلام أن تلعبها أكثر تعقيدا عما هو الحال في الصراعات التقليدية بين الدول. إضافة إلى ذلك، اقتضت ورقة عمل «خطة للسلام» أن تدخل الأمم المتحدة لم يعد مشروطا بموافقة كل الأطراف المتورطة في الصراع نفسه. وهذا يفسر إلى حد بعيد الزيادة المفاجئة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في التسعينيات. (5) المبالغة في أهداف عمليات حفظ السلام
عقب نهاية الحرب الباردة، حدثت زيادة مهولة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة؛ ففي عامي 1988-1989 - على سبيل المثال - أضيفت خمس عمليات حفظ سلام جديدة هي: مراقبة الحدود بين أفغانستان وباكستان، ووقف إطلاق النار بين العراق وإيران، ونهاية القتال في الحرب الأهلية الدائرة لوقت طويل في أنجولا، وإنهاء صراع ناميبيا من أجل الاستقلال، ووقف إطلاق النار بين الفصائل المتناحرة في أفريقيا الوسطى. وفي السنوات التالية زادت القائمة طولا، وشهدت كل من غرب الصحراء الكبرى وكمبوديا والبوسنة والهرسك والصومال وموزمبيق ورواندا وهاييتي وغيرها من المناطق وصول قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
تطلبت المهام الجديدة هياكل تنظيمية جديدة وموارد إضافية، لخصتها خطة السلام التي عرضها الأمين العام للأمم المتحدة في يناير 1992. وفي العام ذاته، أنشأت الأمم المتحدة «إدارة عمليات حفظ السلام» للتنسيق بين عمليات حفظ السلام المتعددة. زاد عدد الجنود ذوي الخوذات الزرقاء من حوالي 15 ألف جندي في عام 1991 إلى أكثر من 76 ألف جندي في عام 1994. وفي الفترة عينها زادت التكلفة المادية لعمليات حفظ السلام بنسبة تزيد على 600 بالمائة، من قرابة 490 مليون دولار في عام 1991 إلى 3,3 مليارات دولار في عام 1994. ومما لا يثير الدهشة أن الخسائر البشرية ارتفعت على نحو بالغ: فقد كانت هناك 15 حالة وفاة بين صفوف قوات حفظ السلام في عام 1991، لكن في عام 1993 وصل العدد إلى 252 (وهو أعلى معدل سنوي للخسائر البشرية في تاريخ عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة).
لم يؤت النشاط الكبير في عمليات حفظ السلام بعد الحرب الباردة النتائج المرغوبة دوما. يرجع هذا في جزء منه إلى مدى تعقيد العمليات الجديدة. فعلى النقيض من «عمليات حفظ السلام التقليدية» بين الدول، دفعت بقوات حفظ السلام في أتون عدد من الحروب الأهلية، وفوضت بإنفاذ تسويات قد تتقبلها الأطراف المتناحرة أو لا. وقد اتسم سجل هذه الجهود، سواء صنفت كعمليات سلام من الجيل الثاني أو الثالث أو الرابع، بالتضارب، خاصة في أوائل التسعينيات.
شكل 4-2: حجم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بين عامي 1947 و2006.
شكل 4-3: الأمين العام بطرس بطرس غالي برفقة أفراد قوة حفظ السلام المصرية في زيارة إلى سراييفو في ديسمبر عام 1992.
3
من العمليات الناجحة لحفظ السلام تلك التي جرت في كل من السلفادور وموزمبيق؛ حيث ساعدت قوات حفظ السلام على توفير الأمن الداخلي الضروري لإرساء السلام الدائم. عززت حالة السلفادور السعي الناجح لتحقيق السلام في أمريكا الوسطى، الذي أرسى دعائم الديمقراطية في المنطقة بصورة عامة. وبين عامي 1992 و1994 ساعد أكثر من ستة آلاف فرد من «قوة عمليات الأمم المتحدة في موزمبيق» في الإشراف على تحول هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق القارة الأفريقية من حالة الحرب الأهلية إلى الديمقراطية النيابية. وفي وقت سابق على هذا، في عامي 1989 و1990، تمكن «فريق الأمم المتحدة للمساعدة في فترة الانتقال» من إرشاد ناميبيا نحو الانتقال من الصراع من أجل الاستقلال نحو تحقيق الاستقلال. المغزى هنا هو أنه في الفترة الانتقالية من نظام الحرب الباردة الدولي إلى نظام ما بعد الحرب الباردة، تمكنت عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة من إيجاد الاستقرار في العديد من مناطق الصراع في العالم.
Unknown page