Udaba Carab Fi Jahiliyya Wa Sadr Islam
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Genres
وقد ينحط إلى تشابيه ننكرها في زماننا، ولا تستنكرها فطرته، كتشبيه امرئ القيس أصابع محبوبته بالأساريع
3
وتشبيه طرفة نفسه بالبعير المعبد.
4
ومن مذاهبهم - إذا شبهوا - أن يتركوا المشبه وينصرفوا إلى المشبه به؛ ليصفوه ويدققوا في وصفه، حتى إذا أظهروا قوته وجماله ارتضت نفوسهم واطمأنت إلى أنها وفت المشبه حقه من الوصف والتبليغ، وربما قصدوا إلى ذلك بصورة التفريغ البياني، وهو أن يصدر الشاعر المشبه به بما النافية، ثم يأخذ في الكلام عليه لتبيان محاسنه؛ فإذا بلغ مراده جاء بأفعل التفضيل ومن الجارة، ونفى أفضلية المشبه به على المشبه. وهذا مستحسن مألوف عندهم اصطلحوا عليه وتداولوه، كما تداولوا كثيرا من التعابير البيانية، فأصبحت رواسم مشتركة بينهم فاقدة الشخصية. ومن المأنوس في شعرهم نداء الصاحب والصاحبين، والاستفتاح بألا، وإدخال ولقد وواو رب، والحلف بلعمري.
ومعاني الشعر الجاهلي لا تخلو من الغموض، ويعود ذلك على غرابة الألفاظ وما فيها من إيجاز وحذف، أو على ما تتضمنه من تلميحات إلى حوادث تاريخية، أو إلى عقائدهم وعاداتهم مما لا تدرك مقاصده إلا بمعرفة حياتهم وأخبارهم. وأما الغموض الفني فقليل عندهم لمادية ألفاظهم، وبعدها من الرمز والتصوف؛ ثم لضعف روحانيتهم وضيق خيالهم ودنو تصورهم وعنايتهم بسرد الأخبار وإظهار الحقائق المحسوسة، واعتمادهم على الأساليب الخطابية الواضحة، والحكم والأمثال البدهية.
وجاءنا عنهم من الأوزان خمسة عشر بحرا ضبطها الخليل، وزاد عليها الأخفش بحر الخبب، ويسمى المتدارك لأنه تداركه. وأكثر ما نظموا على الأبحر الكثيرة التفاعيل؛ لفخامتها وصلاحها للوصف وذكر الحوادث كالطويل والبسيط والكامل، ثم على الأبحر اللينة التي تصلح للأغراض الوجدانية العاطفية كالوافر والرمل والخفيف،
5
ولم يخل شعرهم من زحاف مستكره نستقبحه اليوم ونأبى استعماله.
ومنظومهم قصيد ورجز، وأراجيزهم - في الغالب - قصيرة، وهي مثل قصائدهم تجري على قافية واحدة ووزن واحد . ويستحسن عندهم تصريع المطلع أو تقفيته، وربما صرعوا أو قفوا في غير المطلع. ولهم من سلامة الطبع ما يرشدهم إلى اختيار القافية الملائمة للبيت في معناه ولفظه، فما هي تجعله وسيلة لوجودها، ولا هو يجرها إليه على الرغم منها، بل تأتي متممة له في انسجامها وحسن وقعها وقرارها، ولكنها لم تخلص من عيوب مذمومة كالإقواء
Unknown page