Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
73
كأني وترت الموت بابن أفاده
على حين حانت كبرة ومشيب
74
وكان كثير الأصدقاء، وأكثرهم من المجان، ولكن ليس له في رثاء أحدهم شيء يعتد به؛ فقد كان يريدهم للهو والعبث لا للحزن والبكاء، ورثى أستاذه والبة، فجاء رثاؤه ضعيف العاطفة مع ما كان بينهما من مودة قديمة، ولا عجب فالمودات لا يطول لها عمر؛ بل تخف وتزول بالافتراق والتباعد، وكرور الأيام والسنين، ومات الرشيد فلم يجزع عليه؛ لأنه لم يمدحه عن حب وإخلاص، ولم يستطع رثاءه بأكثر من بيتين جافين باردين.
ولعل نفسه لم تشعر بفراغ حولها إلا يوم مصرع الأمين، فقد استولى على أبي نواس يأس وقنوط، وآلمه فقد خليله ومورده العذب، وأحس الخسارة الجسيمة التي لا تعوض؛ فبكى صديقه ورثاه، وكان صادق البكاء، عاطفي الرثاء، ومع ذلك فقد ضاقت ذراعه عن رثائه بأكثر من بضع مقطعات لا تزيد واحدتها على أربعة أبيات، منها قوله:
طوى الموت ما بيني وبين محمد
وليس لما تطوي المنية ناشر
فلا وصل إلا عبرة تستديمها
أحاديث نفس ما لها الدهر ذاكر
Unknown page