Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
وامتاز عهد السلجوقيين في إنشاء المدارس، وأشهرها المدرسة النظامية في بغداد، أنشأها نظام الملك الفارسي - وزير ملكشاه السلجوقي - وكان من أستاذيها الغزالي. (2) الدولة الأيوبية 1171-1260م/567-659ه
هذه الدولة كردية الأصل، وزعيمها يوسف بن أيوب المعروف بصلاح الدين، وكان أبوه أيوب وعمه شيركوه من قواد السلطان نور الدين محمود بن زنكي صاحب الشام من قبل الفاطميين. وكانت الدولة الفاطمية قد ضعف أمرها. واستبد عليها عمالها ووزراؤها. وحدث أن الصليبيين زحفوا إلى مصر يريدون الاستيلاء عليها، فاستنجد العاضد الخليفة الفاطمي بعامله السلطان نور الدين بن زنكي، فأرسل إليه قائده شيركوه، ومعه صلاح الدين ابن أخيه. ثم ارتد الفرنجة عن مصر صلحا، واستوزر العاضد شيركوه. ومات شيركوه فاستوزر صلاح الدين، ولقبه الملك الصالح، فاستولى على الأحكام، ولم يدع للخليفة إلا السلطة الدينية. وكان السلطان نور الدين زنكي يراقب حالة مصر عن كثب، فكتب إلى صلاح الدين يخبره بأنه سيقطع الخطبة عن الفاطميين، ويقيمها لبني العباس، ويطلب منه أن يفعل فعله؛ فوافقه صلاح الدين، وكلاهما سني. ومات العاضد على أثر ذلك، وكان مريضا، فانقرضت به دولة الفاطميين، وصار الملك إلى صلاح الدين، فاستقل بالأمر، وفتح دمشق واستولى على ملك آل زنكي، وحدثت بينه وبين الصليبيين حروب كثيرة، فاسترد منهم بيت المقدس، وغيره من البلاد التي افتتحوها في سورية. وكان قد تولاهم الضعف بعد أن دب فيهم الخلاف. وملك صلاح الدين من سنة 567-589ه/1171-1193م.
وأصاب الدولة الأيوبية ما أصاب السلاجقة من التجزؤ، فصار منهم ملوك في مصر ودمشق وبعلبك وحلب وحماة وحمص وما بين النهرين واليمن، وناوأ بعضهم بعضا، فوهن سلطانهم، ثم زال سنة 659ه، بغارات هولاكو، واستئثار مماليكهم التركمان بالسلطان.
وللأيوبيين يد بيضاء على اللغة؛ فإن بلادهم أصبحت قرارة العلماء والأدباء؛ لشغفهم بالعربية وعنايتهم بتعزيز العلم والأدب. ونبغ منهم شعراء كبهرام شاه صاحب بعلبك، ومؤرخون كالسلطان الملك المؤيد صاحب حماة، والمعروف بأبي الفداء، وعلماء كالملك المؤيد صاحب اليمن. وعنوا بلغة الدواوين كالفاطميين، فأقاموا عالما بالنحو يراقب الإنشاء، ويصلح الخطأ. (3) ميزة العصر
فيتضح مما تقدم أن الحالة السياسية كانت على أسوأ ما يكون، فمن حروب متواصلة، ودولة متداولة، وفتن مشتعلة، إلى تشقق مطرد، حتى أصبح على كل بلد ملك ذو عرش وصولجان. وهذه الحالة القلقة كانت لا جرم نذيرا بمصير البلاد إلى الانحطاط، وبئس المصير.
الفصل الحادي عشر
الشعراء المولدون
العصر الرابع (1) ميزة الشعر
لم تتبدل أغراض الشعر وفنونه، فتجعل له ميزة جديدة، وإنما حدث شيء من التطور في بعضها فنما وقوي، كالشعر الصوفي؛ فإن أصحابه تكاثر عددهم بكثرة الفرق الصوفية، ونظموا فيه القصائد الطويلة، حاوية اصطلاحات المتصوفين وعلومهم، كما في شعر عمر بن الفارض. وكذلك باب الشكوى؛ فإنه اتسع لما نزل بالبلاد العربية من المصائب والأهوال، ولما لقي الشعراء من كساد سوق الشعر، وفتور أكثر الأمراء عن الأخذ بناصرهم، وعلى الأخص في أواخر العصر. وأكثروا من ذكر الحروب والفتن. وكان للحروب الصليبية أثر بليغ في أشعارهم.
وأما لغة الشعر فقد مالت إلى اللين لأسباب: منها أن امتداد سلطان الفاطميين إلى سورية جعل شعراء الشام يتأثرون بلغة المصريين، ويحتذون أسلوب شعرائهم. ومنها أن تسلط الأمم الأعجمية على الأمة العربية، وذوبانها فيهم على اختلاف أجناسهم وألوانهم، أثر في اللغة الفصحى أسوأ الأثر، فغلبت اللهجات العامية، والألفاظ الدخيلة المسترذلة، وفشا الفساد في لغة البادية، وعم اللحن، ومضى عهد التبدي. فصار الشاعر الحضري لا يرى في سكنى البادية، والاختلاط بالأعراب مقوما للسانه كما كان يراه أسلافه المتقدمون، فاكتفى بلغته على فسادها، وبما يحصله بالدرس والمطالعة.
Unknown page