Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
بشار في صباه
نشأ بشار في بني عقيل نشأة عربية خالصة، فاستوى لسانه على الكلام الفصيح، لا تشوبه لكنة ولا طمطمانية، ولما أيفع أبدى فسلم من الخطأ.
وكان برد - والده - طيانا، وولد بشار مكفوفا، فكان برد يقول: «ما رأيت مولودا أعظم بركة منه، ولقد ولد لي وما عندي درهم، فما حال الحول
19
حتى جمعت مائتي درهم.»
وقال بشار الشعر وهو ابن عشر سنين، ونزعت نفسه إلى الهجاء؛ فلقي الناس منه شرا، ولم يحجم عن التعرض لجرير، فاستصغره جرير ولم يرد عليه.
وكان إذا هجا قوما جاءوا إلى أبيه فشكوه، فيضربه ضربا شديدا، فكانت أمه تقول: «كم تضرب هذا الصبي الضرير، أما ترحمه!» فيقول: «بلى والله إني لأرحمه، ولكنه يتعرض للناس فيشكونه إلي.» فسمعه بشار فطمع فيه، فقال له: «يا أبت، إن هذا الذي يشكونه مني إليك هو قول الشعر، وإني إن ألممت عليه، أغنيتك وسائر أهلي، فإن شكوني إليك فقل لهم: أليس الله يقول:
ليس على الأعمى حرج . فلما عاودوه شكواه قال لهم برد ما قاله بشار؛ فانصرفوا وهم يقولون: «فقه برد أغيظ لنا من شعر بشار.»
فيتبين لنا من ذلك أن بشارا طبع على الشعر منذ حداثته، وطبع معه على الهجاء والشر وحب التكسب والسخر بالدين والناس، فقد عرف بذكائه الفطري أن والده ساذج جاهل، فعبث به لينجو من عقابه، ولم يتحوب من العبث بآية القرآن؛ فأولها إلى غير معناها، وجعل الأعمى بريئا من الإثم إذا اقترفه، والآية لا تقصد إلا إعفاءه من التكاليف التي لا قبل له بها كالجهاد.
بشار في العصر الأموي
Unknown page