Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
ليس في أخبار أبي الطيب ما ينبئنا أنه أحب يوما، ولا في شعره ذكر لمحبوب يردد اسمه، ويشبب به، ويتشوق إليه . وقد تزوج المتنبي، ورزق ولدا، ولكنه لم يحدثنا بشعره شيئا عن امرأته وحبه لها. ولو لم نعلم أن له ولدا لجهلنا أمر زواجه؛ لأن مؤرخي الآداب سكتوا عنه.
وكان أبو الطيب متعففا يرغب عن الملاهي ومكانس الريب، والقيان والحب الفاجر، فخلا غزله من التعهر والمجون. غير أنه تسرى بالجواري التي أهديت إليه، والتسري عندهم غير ممنوع.
وهو في غزله يؤثر البدويات على الحضريات، وقديما كان الغزل المتعفف في خيام الأعراب. وليس له غزل متحضر إلا في شعره الذي قاله وهو في بلاد فارس، فإن ديار العجم ذكرته بوطنه الذي نشأ به، فحن إلى ديار الشام، وذكر نساءها، وتغزل بهن. ولكن إن هي إلا خطرة عرضت حتى عاد إلى البدويات كأنه لا يجد ارتياحا في ذكر نساء الحضر.
وغير عجيب أن يأنس المتنبي بالأعرابيات وقد تمضى شطر عمره الذي تشتعل فيه نار الحب، وهو يتردد في قبائل البادية، فتفتقت أكمام عاطفته على بسمات البدويات، فشغف بهن، ولم يرقه إلا حسنهن؛ لأنه جمال مطبوع لا مصنوع، وهو يكره التمويه والطلاء:
ما أوجه الحضر المستحسنات به
كأوجه البدويات الرعابيب
34
حسن الحضارة مجلوب بتطرية
وفي البداوة حسن غير مجلوب
35
Unknown page